بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: فقدنا مدرسة في الحكمة وجزءا من ذاكرتنا التاريخية الخميس مارس 22, 2012 5:27 pm | |
| فقدنا مدرسة في الحكمة وجزءا من ذاكرتنا التاريخية المرحوم المهندس : نجم الرويلي ( أبو عبد الله )
ماذا أقول ...وبأي العبارات أبدأ ...وهل سيجدي الكلام نثرا أم شعرا لساني يعجز ... قلمي يجف ....واللغة تعطلت وانهارت عباراتي بعد أن تعثرت الحروف ... إنها ضربة موجعة للبعيد فكيف القريب؟. هل تخونني الذاكرة أم أستطيع استرجاع هذه الأبيات....
لقـد أبكـرت يا رجـل الرجال وأسـرجـت الـمنـون بـلا سـؤال
فأججت الأسـى في كـل قلـب وجـارحـة ومـا أبـقـيـت سـالـي
نعى النـاعي فرَّوعنـا جميعـا وجـاز الـجـرح حــد الاحـتمـال
خسرنا الحلم والخلق المزكى خسـرنـا هيبـة الرجـل المثـالـي
فـلـم أتـوقـع الـمـأسـاة أصـلا ولا خـطـرت ولا جـالـت ببالي
تـؤم النـاس بيتـك كي تعزي ولـكـن مـن يـعـزيـنـي بحـالـي
ستبقى في رحاب الخلد نسرا يـحـاكـي مـجـده قـمـم الـجبــال
فيا زوج الفقيد رزقت صبرا فإن الـصبـر من شـيـم الكمـال
تـعـزينـا بـأن خـلـفـت نسـلا كريم الأصل من أرقى الرجال
أعزي الأصدقاء كما أعـزي أشـقــاء الـفقــيــد مـع الـعيــال
رعـى الله الفقـيد بكـل خـيـر واسـكـنـــه فسـيـحـات الظـلال
الأيام التي نظنها طويلة في الحياة تنكمش بعد الموت في لحظة واحدة , ما أقسى الحياة حين نريد فلا يكون إلا ماتريد.
بعد أن زرته آخر مرة قبل سفري إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج , قررت أكثر من مرة أن أزوره ثانية على فراش مرضه , ولكن في كل مرة أتراجع في اللحظة الأخيرة , لا إهمالا ولا تقصيرا ولكني كنت لا أريد ان استبدل الصورة التي في مخيلتي والتي تنطق بالحياة – لرجل الأخلاق والحكمة وصفاء النفس ونقاء السريرة – استبدلها بصورة تبدلت أشكالها وزالت ألوانها، خشيت أن يكون المرض قد بدل صورته وشكله أردت أن تظل الصورة التي لازمت خيالي وهو يزورنا يوم الجمعة وكم مرة سمعته يقول انه يؤمن بالخير ...... افعل الخير وامشِ .....ازرع الخير تحصد الخير...... ليكن الخير من نفسك للغير دون أن تنتظر من يكافئك عليه....... أن مذهبي – والكلام له رحمه الله – امش مستقيما في الحياة مثل العصا المستقيمة فإذا انتهت الحياة لم اندم على شيء فيها لأني عمرتها بالخير. ادخل بيتك ..... "الصالون" كما هو حيث كنت تشرب قهوتك....... كل شيء يدل على انك موجود ولكنك لست هنا . انه الوهم، لم نعد نراك يمتلئ بك البيت فالملاك الذي كان يبسط جناحيه على أسرته وأصدقائه قد طوى جناحيه اعتذر قلبك عن متابعة الخفقان وتهيأت لنوم عميق ، لقد سبقت كلمة القدر ورضيت ورضينا بقضاء الله وكلنا خضوع لإرادته سبحانه وتعالى.
وهنا يحضرني ما قاله الأديب والشاعر فاضل سفان حين وصفه في كلامه عن غيبة الرجال : " إذا كنت ترصد عند هذا الرجل الفقيد حسن التحدث والإصغاء معا فانك لا يمكن أن تنسى ما يمتلك من بيان تشعر فيه الجدة في الخبر والطرافة في السرد، لقد فارقنا أبو عبد الله في لحظة من أيامنا نحن في اشد الحاجة إلى حضور أمثالك حين يطيب منطق العارفين وتفتقد غيبة الرجال " . قلت لي مرة انك تحب النور والشمس وان منظر المقبرة المظلمة يثير عندك الوحشة وقلت أيضا أن هذه الظلال ترعب الحياء فكيف الأموات . الموت لغز رهيب يفتح لنا أبواب السماء وسوقنا إلى الفناء مت أيها النور، ليست الحياة إلا ظلا هائما يتحرك ثم يسكت إلى الأبد. هل جف النهر المتدفق بالعطاء أم حول مجراه "هل يستطيع موكب النسيان أن يسير بنا إلى بر الأمان وتبقى ذكراك العطرة تنير دروبنا ، وحكمتنا تضيء طريقنا ، وخلقك هو قدوتنا ؛ اسأل الله العلي العظيم بمنه وكرمه أن يلحقك بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين ويجمعنا بك في أعلى عليين انه على ذلك لقدير.
إيمان العلي | |
|