| برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:39 am | |
| الحلقة 23
د. الخضيري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا المجلس هو المجلس الثاني والعشرون من مجالس هذا البرنامج المبارك "لنحيا بالقرآن". ستلاحظون في هذه الحلقة أننا سنكون مع سورة قصيرة ولكن معانيها وما فيها من الوقفات قوي جداً. وستلاحظون أننا سنحتاج إلى وقت طويل من أجل أن نستوعب ما في هذه السورة من معاني. وهذا يدلنا على أن القرآن فيه من الخير ما يستوعب كل حاجات البشر. اليوم وقفتنا بإذن الله عز وجل مع سورة الكوثر حيث يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)) هذه السورة كما تسمعون وتقرأون مكونة من ثلاث آيات فهي أقصر سورة في القرآن من حيث تعداد الآيات. ولكن انظروا إلى ما فيها الخير الكثير يكفي أن اسمها الكوثر والكوثر يدل على الخير الكثير، يدل على ذلك النهر الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة وهو نهر عظيم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوردنا إياه. وفي الوقت ذاته يدل كما يقول كثير من المفسرين على الخير الكثير الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد شرحنا في سورة الضحى بعض الخير الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى له مطمئناً لما أوحِش قلبه أن ربه قد ودّعه وقلاه قال الله (وَالضُّحَى ﴿١﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴿٢﴾ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴿٣﴾ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴿٤﴾ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴿٥﴾) هذا بعض الخير الذي أعطاه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم. وهنا يقول له الله جل وعلا (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) هذه السورة نزلت أيضاً تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم لما سبّه المشركون وعنفوه وآذوه بألسنتهم وقال له بعضهم كما ورد في بعض أسباب النزول إن محمداً أبتر يعني لا يولد له بنون يكونون من بعد يُبقون ذكره.
د. الربيعة: لما مات ابنه عبد الله
د. الخضيري: فهم أرادوا أن يحطموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وينالوا منه فقال الله عز وجل لهم لقدأعطيناك الخير الكثير يا محمد فانشغل بعبادة ربك، صلِّ لله، وانحر لله ولا تلتفت لهؤلاء الشانئين فهؤلاء هم المبتورون ولست أنت المبتور. وبالفعل بقي ذكر رسول الله وبقي اثره وبقي المحبون له وانتشر دينه وذهب أولئك إلى الجحيم، ذهبوا إلى لا شيء فلا يذكرهم أحد ولا يعرفهم أحد ولا يذكرون بخير في الناس
د. الربيعة: إذن هذه السورة سورة امتنان من الله على نبيه صلى الله عليه وسلم. امتنان وتسلية، تسلية حينما شنيء منه المشركون وذلك الشقي الذي شنأ منه حينما مات ابنه عليه الصلاة والسلام وهي امتنان من الله على نبيه بان أعطاه الخير الكثير. وهذا الامتنان الذي أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هو امتنان من الله تعالى لأمته حينما منح الله تعالى نبيه وخصّه بهذا النهر العظيم وخصّه بهذا الخير الكثير الذي منحه إياه ومنحه أمته فما أحرانا أن نرتبط بهذه السورة حقاً إنها موضع إرتباط لهذه الأمة.
د. الخضيري: موضع ارتباط لرسول الله ولأمته لأن كل من أخذ بدين رسول الله ناله من ذلك الخير بقدر ما أخذ. وهذه فيها وقفة جميلة جداً وهي بقدر ما تأخذ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيبك الخير ويفتح الله لك من طيب النفس وانشراح الصدر وسعة الرزق وحسن الذكر ولسان الصدق بقدر ما تأخذ من ذلك الخير, فالذي أوتيه رسول الله خير كثير فالناس أمام هذا الخير مستقلون ومستكثرون. فهناك أناس يأخذون برفق أو يأخذون شيئاً يسيراً فيصيبهم من الخير بقدر ما أخذوا. وهناك أناس يخوضون في هذا الخير فيأخذون منه شيئاً كثيراً وهذه جعوة لنا جميعاً أن نأخذ من علم رسول الله وأن نأخذ من هذا الهدي الذي أنزل على رسول الله وأن نأخذ من السنة التي أبقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، أن نأخذ منها ونأخذ بها ونستمسك بها فيسؤتينا الله من الخير بقدر ما أخذنا من ذلك الخير.
د. الربيعة: هناك معنى يقابل ذلك وهو أنه مهما شنأ بنا أعداؤنا واستهزؤا بنا وسخروا منا فأنت أيها المؤمن حينما يستهزئ بك أحد فإن الله تعالى قد أعطاك خيراً كثيراً.
د. الخضيري: يعني لا يصيبك اليأس والقنوط أو تصاب بحالة من الاكتئاب بسبب كلمة ألقيت عليك.
د. الربيعة: أعطاك الله الإسلام والهداية واللغة وأكرمك أن جعلك من عباده.
د. الخضيري: كنت مرة في أمريكا فكان عندي مجموعة من الطلاب أدرسهم قصار المفصل وبعض السور التي يحتاجونها لما رأيتهم يعانون عناء شديداً من نطق الحروف العربية في اول ايام تعليمهم، فقلت لهم بكم تشتري لساني هذا؟ قال أحدهم أنا أشتريه بكل ما أملك وقال الثاني أنا اشتريه بالدنيا وما عليه، وقال الثالث يا شيخ إتق الله هذا اللسان ليس له مثال في الدنيا فقلت والله إن هذا لخير كثير من الله سبحانه وتعالى أعطانا إياه قبل أن نسأله إياه وهذا من فضل الله علينا. واليوم أقول لإخواني قد زهد الناس بهذا اللسان وصاروا يتعلمون لغة الأعاجم ويدعون اللغة العربية لا يتعلمونها وهم من أهلها مع الأسف وهي لغة القرآن.
د. الربيعة: لو تأملنا في السورة يقول الله عز وجل (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) هذا افتتاح عظيم فيه معاني عظيمة هل يمكن أن يفتح الله عليك بمعنى من المعاني في هذا الافتتاح؟
د. الخضيري: لا شك أن في قوله (إنا) تعظيم لهذا الذي أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله ما نسبه إلى نفسه إلا وهو عظيم عنده. فالله قد أعطى رسوله هذا القرآن فهو عظيم فمن أخذ بالقرآن أخذ بشيء عظيم. وكذلك أعطاه هذا الدين وهو عظيم ومن أخذ بهذا الدين فقد أخذ شيء عظيم.
د. الربيعة: إذن الآية فيها عِظم المُعطي والمُعطى والعطاء. المُعطي الله سبحانه وتعالى والمعطَى النبي صلى الله عليه وسلم والعطاء هو الخير
د. الخضري: هذا الخير الذي أوّله الوحي وآخره شرائع الإسلام وهذه السنن وهذه الشرائع التي جعلها الله عز وجل رحمة للعالمين.
د. الربيعة: ومن هذا العطاء ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أن الكوثر هو نهر أعطانيه الله عز وجل في الجنة لأنه خُصّ به النبي عليه الصلاة والسلام.
د. الخضيري: لعلنا ننتقل إلى قول الله عز وجل (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ). كما في سورة قريش لما ذكر الله عز وجل النعم على أهل مكة قال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)) وهنا لما ذكر الله العطاء العظيم لرسول صلى الله عليه وسلم قال يا محمد قابل هذا العطاء بأن تصلي لربك وتنحر. (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) صلِّ له مخلصاً له الدين وانحر. وعندي في هذا وقفات. الأولى كيف بدأ بالصلاة؟ لأنها أجلّ الأعمال وأعظمها قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلاة خير موضوع فمستقل ومستكثر" وأنا أقول عظِّموا هذه الصلاة واعتنوا بها وأقيموها فأنه لم يؤمر بها في القرآن إلا على وجه الإقامة (أقيموا الصلاة، المقيمين الصلاة، أقاموا الصلاة).
د. الربيعة: وأيضاً في سر الأمر بالصلاة والله أعلم أنه لما كانت السورة نازلة في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الاستهزاء الذي استهزأ به المشركون كانت الصلاة أعظم من تصله بربه وتُذهب همه فإذا أصابك هم إفزع إلى الصلاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. فهي مناسبة في حال إذا أصاب المسلم هم أو غم أو فزع أو ضاقت به الدنيا
د. الخضيري: وأيضاً الصلاة فيها ميزة عظيمة جداً وهي أن البدن كله يتحرك بها القلب يخشع اللسان يذكر العين تنظر إلى موضع السجدة اليد تقبض على بعضها أو توضع على الركبتين، الجبهة والأنف تخضع لله عز وجل وتمرغ بالتراب بين يدي الله جل وعلا. إذن هي عنوان العبودية ولذلك بدأ الله بها. يأتي السؤال ما علاقة النحر؟ كإنها مثل الزكاة عندما يقرن الله عز وجل الصلاة بالزكاة في كثير من المواطن هنا قرن الله الصلاة بالنحر أولاً تحقيقاً للعبودية والتوحيد وهذا من الجوانب التي أخل بها المشركون فكانوا يذبحون لأصنامهم وآلهتهم شركاً والعياذ بالله.
د. الربيعة: لعل هذا فيه إشارة إلى الاستخفاف بهم أولئك يذبحون للأصنام والأحجار وأنت يا محمد تذبح لربك.
د. الخضيري: والثاني أن النحر فيه منفعة ومصلحة للناس لأنك إذا نحرت لله عز وجل أطعمت المساكين بخلاف ما ذكره الله في السورة السابقة عن الذين يكذبون بالدين فإنهم يدعون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين ويمنعون الماعون أما أنت فأنت تنحر وتعطي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نحر مائة من الإبل ثلاثة وستين بيده الشريفة والباقي نحره علي بن أبي طالب ثم تُركت للناس يأخذون من اللحوم ما شاؤوا وهذا يدل على أن الإسلام لم يأت ليكون ديناً في مسجد أو في محراب أو جلسة مع مصحف وإنما هو دين للحياة نحن علاقتنا مع الله وعلاقتنا أيضاً مع عباد الله نتعبد لله عز وجل بأن نطيعه وأن نسجد بين يديه ونتعبد لله وأن نعطي عباده وأن نحسن إليهم.
د. الربيعة: ولعل من المعاني التي تستنبط في قوله (وانحر) الدلالة على التوحيد فهؤلاء يعبدون غير الله وأشار بالنحر الذي هو من أعظم أنواع التوحيد والعبادة فقال انحر لربك أي حقق توحيد ربك وصلّ أي اعبد ربك كما أمرك الله تعالى فإن هذا هو الشرع.
د. الخضيري: قال الله عز وجل (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ماذا يمكن أن نستفيد من دلالات من خلال هذه الجملة العظيمة التي ختم الله بها هذه السورة؟
د. الربيعة: هذا الختام هو بعد أن ابتدأ الله عز وجل الامتنان على النبي عليه الصلاة والسلام بأن أعطاه الخير الكثير وشرّفه بهذا الفضل العظيم ختم السورة بما هو مناسبتها وكأنه قال لا يهمك أمره بعد هذا العطاء وهذا الخير هل يليق بالإنسان بعد أن يعطيه الله الخير أن ينظر إلى أولئك المستهزئون وأولئك الشانئون وأولئك الساخرون؟! لا والله، كفى به شرفاً وعزاً وقوة أن يكون على هذا الدين. ختام السورة في قوله (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) كأنه قال الله عز وجل لا تأبه بهم فإن الله سيقطع أمرهم وشأنهم هو الأبتر هو الأقطع، هل في معنى الأبتر معنى في الاستهزاء بهم والسخرية منهم؟
د. الخضيري: لا شك أنهم استهزأوا برسول الله في شيء ورد الله استهزاءهم عليهم ورد كيدهم في نحورهم فجعلهم هم المبتورين. يعني وإن كنتم تملكون الإعلان والدعاية والمنصب والملك والقدرة على التأثير على الناس فإن كل ما تفعلونه سينقطع ويندثر ويذهب وسيبقى رسول الله. وانظر إلى الوعد الذي تحقق من الله سبحانه وتعالى فإن وعد الله لا بد أن يتحقق ولا يمكن أن يُخلف وعد الله أن يبترهم فبترهم ووعد الله أن يرفع ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فرفع ذكره حتى إننا اليوم نشاهد أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينقطع من الأرض طرفة عين. في الأذان فقط الآن الأذان لا ينقطع من الأرض يدور في الأرض دوراناً. هناك الآن أناس في هذه اللحظة يؤذنون الظهر والآن هناك أناس يؤذنون العصر والآن هناك أناس يؤذنون المغرب والآن هناك أناس يؤذنون العشاء وأناس يؤذنون الفجر وفي كل أذان رفعة لمحمد صلى الله عليه وسلم فكل واحد منهم يقول أشهد أن محمداً رسول الله، هذا بالأذان فكيف بأنواع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم!. هل هذا خاص برسول الله؟ ليس خاصاً برسول الله بل من سلك مسلك رسول الله وقام بدين الله فإن شانئه ومبغضه والكائد له هو الأبتر هو الذي سنقطع وهو الذي سيزول ملكه وتذهب دولته وبذهب شرفه ويبقى شرف هؤلاء الدعاة. وانظر إلى شرف دعاة الإسلام في قديم الزمان وفي حديثه يكثر أعداؤهم ويؤذون ويودعون السجون، شيخ الإسلام ابن تيمية مات وهو في السجن وخرجت جنازته من السجن، أين هم الذين سجنوه؟ من يعرفهم؟ الذين وشوا به أين هم؟ ذهبوا وبقي ذكر ذلك الرجل الذي نصر سنة رسول الله
د. الربيعة: وهذه الآية في ختام البرنامج تعطينا درساً عظيماً أن أولئك الشانئون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يمثلون بصوره اليوم كأمثال الدانمارك وغيرهم سيبترهم الله وسيقطعهم بإذن الله عز وجل.
د. الخضيري: ونحن واثقون من ذلك. كانت المعاني المستنبطة من هذه السورة على قلة آياتها كثيرة جداً ولو أردنا أن نأخذ من ظلالها ونأخذ من معانيها ومن هداياتها ونجمع ذلك فإننا لا نستطيع ذلك في حلقة ولا حلقتين ولا أكثر ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. أسأل الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بكلامه وكتابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
| |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:41 am | |
| الحلقة 22
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا هو المجلس الخامس عشر من هذا البرنامج المبارك أضواء المقاطع في هذا المجلس نأخذ مقطعاً من الجزء الخامس عشر من كتاب الله الكريم ومن سورة الإسراء تحديداً من الآية 23، يقول الله جل وعلا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)) هذه الاية جاءت من ضمن آيات الوصايا في سورة الإسراء. وآيات الوصايا في سورة الإسراء تبدأ من قول الله عز وجل (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً (22)). افتتحت هذه الايات آيات الوصايا في سورة الإسراء بأمر التوحيد والتأكيد عن النهي عن الشكر وختمت كذلك بقول الله عز وجل (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا (39)) وهذا يدلنا على شديد العناية بأمر التوحيد وأنه أمر عظيم عند الله سبحانه وتعالى فبه تفتتح الأعمال وبه تختتم. ثم ثنّى الله عز وجل بعد ذلك بأن ذكر بحقه وحق الوالدين لعظم حقهما فقال مفتحاً هذه الاية بقوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ومعنى قوله قضى أي أوجب وحكم وأوصى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) أي اعبدوه وحده ولا تشركوا معه أحداً سواه. (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) أي قضى أن يُحسن إلى الوالدين ولاحظوا كيف أن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بأن لا نسيء إلى الوالدين ولم ينهنا عن العقوق وحده بل أوجب علينا أن نحسن إلى والدينا والإحسان مرتبة زائدة عن النهي عن العقوق. فقد يترك الإنسان عقوق والديه فلا يسيء إليهما ولا يضرهما بشيء ومع ذلك لا يكون مطبقاً لما جاء في هذه الاية وهو أن يُحسن الإنسان إلى والديه فيوصل إليهما البر والخير ويعطف عليهما ويدعو لهما ويبذل تجاههما كل ما يستطيع. قال (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ومن هذا يتبين أن مراتب الناس بالنسبة للوالدين ثلاثة: المرتبة الأولى مرتبة المحسنين وهم الذين أدوا ما أوجب الله عز وجل عليهم في كتابه بأن برّوا آباءهم وقدموا إليهم الخير وأطاعوهم وامتثلوا أوامرهم وفعلوا ما بوسعهم مما يسمى براً وإحساناً. والقسم الثاني على الضد من ذلك وهم من عقوا والديهم وإساؤوا إليهم فضربوا وسبوا وشتموا وبخلوا وعصوا ولم يستجيبوا والقسم الثالث وهم برزخ بين هؤلاء وهؤلاء وهم الذين لم يعقوا ولم يحسنوا والله سبحانه وتعالى إنما أمر بالإحسان. فإذا لم يأت الإنسان لوالديه بالإحسان فإنه لا يكون ممتثلاً للأمر ويكون مخالفاً لمقتضى هذه الاية الكريمة. ثم بيّن الله عز وجل صورة من صور هذا الإحسان فقال (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا) هذه المرحلة من مراحل عمر الوالدين هي المرحلة التي يحتاج فيها الوالدان إلى الولد ولذلك خصها بالذكر وإلا فإن الإحسان إلى الوالدين لا يقتصر على مرحلة معينة بل يجب على الإبن أن يحسن إلى والديه في كل الأحوال فقال (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا) في تلك المرحلة مرحلة الضعف والوهن وقلة الحيلة وضعف التدبير وكثرة الأمراض ووصول الأبوين إلى سن الهرم بل والخرف أحياناً مع الأعياء الشديد وغير ذلك مما يحصل لمن رق عظمه ولان جسمه وأصبحت تنتابه الأمراض. قال (إمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَر) لاحظوا قوله (عندك) يعني أن الأصل فيهما عندما يكونان كبيرين أن يكونا عندك لا عند أحد سواك، ليس في الملجأ وليس عند الأجنبي عنهما أو القريب لهما غير ابنهما بل عندك قال (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا) لا تظن أنك تبلغ البر بأن تحسن إلى أحدهما وتدع الآخر وتقول أنا أكتفي بأحد الوالدين وأدع الثاني بل يلزمك أن تحسن إليهما جميعاً وأن تقوم بحقهما جميعاً وأن لا تقصر أياً كان ما يحتاجوه سواء كانت الأم تحتاج إلى البر وإلى الإحسان أكثر أو كان الأب أو كان كل واحد منهما محتاجاً لذلك منك. قال (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) وهنا يتبين لنا سر اختيار هذه المرحلة لتوجيه هذه الإرشادات والأوامر. العادة أن الإنسان لا يستطيع أن يقول لأبويه أف وهما نشيطان وهما قادران على العمل وهما يرجى منهما خير للإبن وهما يعقلان ما يقولان ويحسنان التدبير في أمورهما إنما يقول لهما أف عندما يكونا في حالة الضعف وعندما تضعف عقولهما وتضجر أنفسهما. فيأتي الأب ويطلب من ابنه أن يفعل أشياء لا يرغب فيها الإبن أو لا يحبها افبن أو يرى الإبن أنها غير مناسبة له أو لا تليق بحاله مع ابنه أو مع زوجته فتكون هذه من الأوامر المضجرة وليست من الأوامر المعقولة. مثل أن يقول لك كم بقي على صلاة الظهر؟ فتقول بقي نصف ساعة ثم بعد دقيقتين يقول كم بقي على صلاة الظهر؟ فتقول بقي نصف ساعة ثم يقولها مرة ثالثة ويستمر يسألك سؤالاً إثر سؤال فتضجر وتقول أف ما هذا لماذا تكرر علي السؤال؟! ألا تفهم! في هذه المرحلة يوصيك الله سبحانه وتعالى أن تثبت وأن تحسن وأن تتجمل بالقول فيقول (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ) ينهاك أن تقول أدنى شيء يمكن أن يقال للوالدين مما يخالف مرتبة الإحسان التي أمرك الله سبحانه وتعالى بها فيقول (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ). إذن ليس الحديث عن السب والشتم واللعن ولا الحديث عن الضرب واللكم واللكز إنما الحديث عن شيء تافه قد يضر بعلاقتك مع والديك، شيء قد لا يسمعه الأب وقد لا يدركه وقد ينساه لأول لحظة ولكنه لا يليق بالمؤمن البر الذي يريد أن يبلغ درجة الإحسان ويحقق ما أمر الله به في القرآن (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). قال (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) قال العلماء في جانب القول ذكر أقل ما يمكن أن يقال وفي جانب الفعل ذكر أدنى ما يمكن أن يفعل وهو النهر والنهر عادة يكون بأفعال كثيرة لكن من أقلها أن ينفض الإنسان يديه فهذا لون من ألوان النهر. قال العلماء فلما ذكر أدنى القول القبيح وأدنى الفعل القبيح ذكّر بضدهما (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) لم يقل لا تقل لهم أفّ وسكت عن ذلك، بل قابل ما يضجرانك به من الأقوال بألا تقل لهما أف وقل لهما قولاً كريماً، تقول يا والدي بقي على أذان الظهر نصف ساعة، يقول لك كم بقي على أذان الظهر؟ تقول يا والدي بقي 25 دقيقة، يقول لك يا ولدي كم بقي على أذان الظهر؟ تقول يا والدي يا حبيبي بقي عشر دقائق، بقي دقيقتان، الآن يؤذن، ولا نضجر بل تقول قولاً كريماً، غفر الله لك يا أبي بقي كذا، جعلني الله وغياك ممن يقيمون الصلاة، وقل لهما قولاً كريماً والقول الكريم النفيس الرفيع الطيب الذي يفيض بالعبارات الجميلة الطيبة والودودة الحنونة التي يحسن بالإنسان أن يسمعها من غيره ويحسن بالإنسان أن يسمعها لوالديه. ولما ذكر الفعل القبيح بقوله (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) ذكر أيضاً الفعل الجميل فقال (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) يعني لِن لهما وكن كالأرض الوطيئة مثل الرمل عندما يمشي عليه الإنسان بقدميه لا يشعر بوخز ولا يحس بشيء من الأذى. (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) اخفض لهما جناحك هذا الجناح الذي تطير به وتمشي به وتسعى به اخفضه لهما يعني كن طيعاً كن ليناً كن رهن إشارتهما لا تخالفهما في أمر يريدانه منك. (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) أي من شدة رحمتك بهما. (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) سبحان الله! قبل قليل قال (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) ألا يكتفى بذلك؟ لا يكتفى بذلك الآن هما يحتاجان منك الدعاء ويطربان من سماعه من فمك وهما الآن قد تعطلت أعضاؤهما عن كثير مما كانا يقومان به من العبادة فعليك أن تكثر لهما من الدعاء (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) في هذه اللحظة ترد الجميل الذي أسدياه إليك وكل ما تفعله في حقهما لن يكون كبيراً ولن يكون كثيراً ولن يكون موازياً لما قدماه لك. (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) قل قولاً كريماً وفي الوقت نفسه أكثر لهما من الدعاء. وهذا يبين لنا إلى أن من أعظم ألوان البر البر بالقول وهو الذي يخطئه كثير من الناس فقد يحسن الإبن إلى أبويه فينفق عليهما وقد يحسن فيؤيهما وقد يحسن فيقوم على علاجهما وخدمتهما ونظافتهما ولكنه يقصر بأن يتكلم معهما بالكلام الطيب الرفيق اللين الذي يحتاجان إليه. إننا بحاجة لأن نتذكر هذا الأمر ونعمل به (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)). ثم ختمت الآيات بقوله (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا) أي الله يعلم ما في نفوسكم من إرادة البر إذا كنتم صادقين في ذلك أو إرادة العقوق وتمني الخلاص من الوالدين فإن كنتم صالحين فإن الله يغفر لكم ما يبدر منكم من نقصير في حق والديكم وهذا من رحمة الله بنا فإن البر لا يطاق على وجه الكمال ولا يقدره كل أحد في كل الأوقات ولكن الله يعلم أنك قد تخطئ هذا البر وليس في نفسك أنك تريد العقوق فالله يقول لك (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا). أسأل الله أن يجعلني وإياكم من البررة الذي يبرون والديهم في حياتهم وبعد مماتهم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:42 am | |
| الحلقة 22
د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه هذا هو المجلس الحادي والعشرون من مجالس برنامجكم "لنحيا بالقرآن". هذا المجلس مخصص لسورة الماعون، هذه السورة التي تتكون من آيات معدودة يقول الله تعالى فيها (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾) هذه السورة هي سورة تتحدث عن المكذبين بيوم الدين وعن أخلاقهم السيئة تنفر من تلك الأخلاق وتبين أثر التكذيب بالدين على أخلاق الإنسان. إن الإنسان إذا كذب بالدين ظهر أثر ذلك على حياته فتجده لا يبالي بحقوق الخلق لا يبالي بالضعفاء ولا يرحم المساكين ولا يقوم بالواجبات ولا يقري الضيف ولا يكرم الجار ولا يحسن إلى الناس ولا يحترم الأنظمة لأنه لا يؤمن باليوم الآخر ويظن أن الحياة هي هذه الحياة وكفى ولذلك هذه السورة جاءت لتبين لنا كيف أن التكذيب بالدين يؤثر بالإنسان وعلى طريقة تعامله مع الحياة والأحياء وطريقة تعامله مع أوامر الله عز وجل ونواهيه فهي تطغى عليه تهيمن عليه وعلى تصرفاته. هذا ملاحظ جداً وسيبين الدكتور محمد كيف هذا الأثر يظهر على الإنسان عندما مكذباً بيوم الدين.
د. الربيعة: هذه السورة تتحدث عن المكذبين بالدين وصفاتهم وبيان أثر هذا التكذيب في سوء الأخلاق وسوء التعامل وانعدام نفع الناس أن يكون الإنسان المكذب همه نفسه مصلحته لأنه لا يؤمن بالجزاء ولا يؤمن بالآخرة. فما الذي يدعوه إلى الإحسان وما الذي يدعوه إلى البذل والعطاء إلا رياء وسمعة أو مصلحة شخصية فإذا انعدم الإيمان باليوم الآخر انعدم نفع الإنسان للناس وبذله وعطاؤه. وتأمل كيف سميت هذه السورة بسورة الماعون. هناك علاقة بين هذا الإسم فإن هذا الماعون إناء الطعام يشير إلى أن المكذبين بالدين يبخلون بالنفع والعطاء حتى بالماعون لأن العرب من عادتهم في قلة آنيتهم وقلة ما عندهم كان يستعير بعضهم من بعض فإشارة إلى أنهم يمنعون الماعون فضلاً عن أنهم يعطون الطعام بالماعون ويمنحونه.
د. الخضيري: قد نجد أناساً ينضبطون بالأخلاق وينفعون الناس وهم لا يؤمنون باليوم الآخر ولكن كل ذلك لمصالح حاضرة وعاجلة. مثل الآن ما نراه من الغربيين تجدهم منضبطين في حياتهم منضبطين بالأنظمة واللوائح والقواني التي تسنها الدول ما الذي يحدوهم إلى ذلك؟ الخوف من الجزاء والعقوبة الدنيوية وليس العقوبة الأخروية ولذلك إذا أمنوا هذه العقوبة نجدهم أول من يلقي بهذه القوانين والأنظمة عرض الحائط ولا يبالي بها. ولذلك تجد في بلادهم أحياماً كتب تصدر تقول لك كيف تستطيع الوصول إلى الشياء الفلانية من دون أن يكون هناك مدخل عليك من جهة الأنظمة، ليس هناك خوف من الآخرة، ليس هناك خوف من الجزاء والحساب. أبيّن هذا في مشهد يتكرر كثيراً، تجد مثلاً هؤلاء أمناء عندما تتعامل معهم معاملة مالية تجد أن هناك قدر واضح من الأمانة قد لا تجد عند بعض المسلمين للأسف الذين هم مسلمون بالإسم ولكنهم لا يمتثلون إسلامهم على الحقيقة. هذه الأمانة هل هي صادرة من الإيمان باليوم الآخر؟ لا وكلا، هي من رجائه لأن تتم المعاملة بينك وبينه حتى يضمنك كزبون لمصلحة يريد تحقيقها. الدليل على ذلك أُنظر إليه في تعامله مع والديه عندما يبلغ الثامنة عشرة يغادر بيت والديه ويذهب يضرب في الحياة، لا يكاد يعرف والديه إلا في السنة مرة في عيد الميلاد أو رأس السنة يرسل بطاقة أو رسالة قصيرة أو يتصل بالهاتف ويسلم على والده ووالدته. عندما نذكر قيمة الوفاء هم أوفياء لكن ليس لأجل الآخرة وإنما لمصالح دنيوية آنية متى علموا أنها لا تفيدهم ضربوا بها عرض الحائط. ولذلك من أحق الناس بالوفاء؟ أليس والديك؟ اللذان قاما عليك وأديا حقوقك وأطعماك واجتهدا في تربيتك ثم بعدما بدأ نفعك ذهبت وتركتهما وتبخل عليهما بنصف دولار ترسله إليهم
د. الربيعة: أذكر مثالاً على هذا في أخلاق الكافرين فيما بينهم مما يدل على جفاف نبع الخير في نفوسهم والعطاء والنفع والسبب في ذلك هو عدم الإيمان باليوم الآخر. أرأيتهم كيف تعاملهم فيما بينهم إذا ذهب بعضهم مع بعض للمطاعم تجد كل واحد يشتري لنفسه كما يقال للأسف الشديد من بعض الشباب الذي يريد أن يقلدهم "على الطريقة الأميركية". أذكر مرة من المرات كنت مع أحد الشباب ذاهب من القضيم إلى الرياض وفي الرياض وقفنا عند مطعم وقال نحن على الطريقة الأميركية فقلته له ما هي الطريقة الأميركية؟ قال تشتري لتفسك واشتري لنفسي، قلت أنا أعتذر عن هذا فأعطيت صاحب المطعم النقود فجاء ليحاسب فعاتبني فقلت هذا ليس على منهجنا وعادتنا للأسف الشديد شبابنا يظنون أن هذه الطريقة طريقة حضارية وهي الحقيقة دليل على عدم الرحمة فيما بينهم والتعاون فيما بينهم وبذا العطاء والنفع فيما بينهم.
د. الخضيري: وعدم رجاء الآخرة. النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دخل المدينة ما هي الكلمات التي أعلنها كدستور وميثاق للمسلمين وهو راكب على ناقته القصواء؟ لم يحط رحاله في مدينته، كان يقول أربع كلمات، كان يقول: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصِلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" أربعة أشياء ثلاثة منها في نفع الناس هذا موعود عليه وعد أن تدخلوا الجنة بسلام فإذا أردت أن تدخل الجنة بسلام أفشي السلام وأطعم الطعام وصِل الأرحام وصلي بالليل والناس نيام، أسأل الله أن يجعلني وإياكم كذلك.
د. الربيعة: لو أخذنا صفات الكافرين من خلال السورة يقول الله عز وجل (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) لاحظ هذا الاستفهام، اشاهدت هذا المكذب كيف أخلاقه؟ لتعلم أن تكذيبه بالدين يدل على أنه إنسان غير سوي بأخلاقه وتعامله إذن نستطيع أن نحكم على الإنسان في خلقه وتعامله مع الناس في مدى صدقه وفي مدى حسن تعامله ووفائه، في مدى بذله وعطائه وهذا يجعلنا نقول أننا نحن المسلمون ينبغي أن يكون بيننا من التعاون والتراحم والتعاطف والعطاء والبذل مما يظهر في صفاتنا مقارنة بغيرنا
د. الخضيري: ولذلك أقول عوداً على بدء متى تأخر الإيمان بالدين عنا أو غاب عن قلوبنا وعن حياتنا فإن ذلك سوف يظهر في أخلاقنا وأفعالنا وتصرفاتنا. تلاحظ الآن في حياة المسلمين ما الذي يجعلهم يكذبون ويغشون ويفعلون أفعالاً نكراء لا يبالون بحقوق الناس، يظلمون الخلق، يعتدون على أموالهم ويعتدون على أعراضهم، ما هو السبب في ذلك؟ السبب ليس أنهم لا يؤمنون بالدين ولكنهم لأن الإيمان بالدين قد غاب عن أذهانهم، لا يشاهد الجنة ولا يشاهد النار كأنه يراها رأي العين، فهو يعيش في دنياه ولذلك عنده استعداد أن يظلم ويسرق ويأكل مال الناس ويرتشي، يفعل المنكرات والمحرمات مع أنه مقتنع بأنها محرمات ومع أنه مقتنع بأنه سوف يجازى ويحاسب عليها يوم القيامة ولكن هناك غيبة وهناك غفلة وهناك تغطية على القلب حول هذه الأشياء التي تسير الإنسان وتغير مسارات
د. الربيعة: إذن نستطيع أن نقول أن من علامات صدق الإيمان نفع الناس وخاصة الضعفاء كما قال الله عز وجل في سورة البلد (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿١١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿١٢﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿١٣﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿١٤﴾ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿١٥﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴿١٦﴾) العطاء للمساكين دليل على أنه عندك إيمان لأن هؤلاء ليس بينك وبينهم مصلحة، لا ترجو منهم شيئاً هؤلاء ضعفاء مجردون من كل ما يمكن أن يمنحونك من مصالح فكلما كنت قريباً من المساكين كلما كنت أدل على صدق إيمانك وقوة دينك.
د. الخضيري: ننتقل إلى الموطن الآخر الذي نحاول من خلاله أن نركز انتباه المشاهدين على ما في هذه السورة من نواحي عملية. قال الله عز وجل مبيناً صفات هؤلاء الكافرين (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)) يدع اليتيم يعني يدفعه عن حقه وهو لا يريد أن يعطيه شيئاً لا من حقه ولا من حق الله الذي أوجبه له. الله عز وجل أوجب لليتيم الاحترام والعطف والرحمة واللين والحلم ولذلك قال (فذلك) وأشار إليه إشارة إلى البعيد لأنه قد أبعد عن رحمة الله وأبعد عن معية الله سبحانه وتعالى.
د. الربيعة: وتأمل كلمة (يدُعّ) كلمة فيها قوة ليست فقط يمنع بل يمنع ويدفع بإهانة وازدراء واحتقار. إن هذا لدليل على جفاف وقسوة القلوب تماماً.
د. الخضيري: ولذلك كان المشركون الذي بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لا يرحمون الميت، أول ما يموت الميت يأتي الكبير من روثته كأخيه مثلاً أو ابنه الأكبر فيستولي على ماله ويبقى هؤلاء الضعفاء من الأيتام لا مال لهم يتكففون الناس وياتي الرجل ايضاً ويستولي على مال أخيه أو ابنه ويدع زوجته وأولاده بلا مال فجاءت آيات القرآن منكرة هذا الوضع البشع، هذا الوضع الشنيع الفظيع الذي لا يليق بالإنسانية ولا يليق بأهل الإيمان (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يدفعه عن حقه ولا يحترمه ويمنعه عن حقه ثم يقول (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) يعني أنه أيضاً لا يرحم المساكين، إذا لم يطعمهم لا يحض على إطعامهم.
د. الربيعة: لا يحض على إطعامهم. تصور إنسان يأتيك فلا تطعمه فيذهب لآخر فلا تحضه على ذلك وربما تمنعه، إن هذا لجفاف، إن هذا انعدام الرحمة في القلب.
د. الخضيري: دعنا ننتقل إلى بعض المواطن العملية في السورة التي نريد أن نلفت أنظار المشاهدين إليها وهي قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5))
د. الربيعة: هذه الآية عندما تقرأها تستوقفك، تأمل كيف افتتحها الله عز وجل بالويل (فَوَيْلٌ) وهو واد في جهنم، توعدٌ بجنهم للمصلين، كيف ذلك؟! فيقف القارئ متدبراً كيف يتوعد الله المصلين؟ ثم تأتي الآية الآخرى مجيبة على هذا التساؤل في ذهن الإنسان المتدبر (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) هم قد يصلون في الظاهر كحال المنافقين بكن بلا إيمان، بلا روح، بلا استحضار لهذه الصلاة، فلا آثر لها في قلوبهم ولا في نفوسهم ولا في أعمالهم، أفعال مجردة ومجرد عادات. (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) تأمل وتدبر قوله تعالى (عن صلاتهم) فهم أولاً عن الصلاة غافلون وفيها أيضاً غافلون أو ساهون. فالصلاة إذا لم يكن فيها روح وإذا لم يكن فيها حضور قلب فلا أثر لها، لن يكون لها اثر. ولهذا نقول إذا أردت أيها الأخ المسلم أن يكون لصلاتك أثر وتجد فيها الطمأنينة والراحة وتكون ظاهرة على مالك فلتكن في خشوع وحضور قلب.
د. الخضيري: أيضاً لعلنا نستكمل المشهد في هذه السورة بذكر خصلتين مهمتين جداً وكل واحد منا لا بد أن يتوقف عندهما ويتأكد من عدم إتصافه بهما. الأولى (الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)) الرياء إحذروا منه وهو أن تتعبد في ظاهر الأمر لله وفي باطن الأمر من أجل أن يقال فلان مصلي، فلان صائم، فلان متصدق، فلان قد أحسن، الرياء هو الشرك الخفي ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف علينا من الرياء ويحذرنا منه ويقول "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر يقوم الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل" نسأل الله العافية والسلامة. ينبغي إذا قرأنا هذه هذه الآية نحذر من الرياء والأخيرة من الخصال في هذه السورة العظيمة التي اشتملت على خصال كثيرة نحتاج أن نقف مع أنفسنا من خلال السورة منع الماعون والمقصود بمنع الماعون الأشياء التي تملكها وتستطيع أن تمنحها لغيرك من إخوانك الذين يمكن أن ينتفعوا بها ويستفيدوا منها ثم يردوها إليك وهي "العاريّة" عند أهل العلم. فكل ما يُعار، قلم، محبرة، ورقة، كتاب، قدر، كأس إناء، إبريق، أثاث، كرسي، أيّاً كان طلبه أخوك المسلم ولست في حاجته فينبغي لك أن تعطيه إياه ليتم جو راحة وتعاطف وتعاون بين المسلمين وإياك أن تكون فردياً تعيش لنفسك ولا ترى أن لأحد عليك حقاً فإنك إن لم تحتج إلى الناس الآن فستحتاج إليهم فيما بعد فأحسِن حتى يُحسن إليك وأدِّ حقوقهم حتى تؤدى حقوقك.
د. الربيعة: حينما تتأمل هذه السورة تلحظ أنها ركزت على صفة الكافرين وصفة المنافقين فاحذر أيها المسلم أن تتصف بصفات هذين الفريقين الكفار والمنافقون.
د. الخضيري: لعلنا بهذا إن شاء الله نأتي على ختام مشاهد من هذه السورة العملية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذي هم أهل الله وخاصته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:43 am | |
| الحلقة 22
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا هو المجلس الرابع عشر من برنامج أضواء المقاطع نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بكتابه وأن يجعلنا من الهداة المهتدين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. مقطعنا من الجزء الرابع عشر ومن سورة النحل تحديداً من الآية 112، قال الله عز وجل (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (115)) في هذه الآيات يبين الله سبحانه وتعالى جزاء من يكفرون بنعمة الله وهذه السورة سورة النحل يسميها كثير من السلف سورة النعم لأنها ذكرت نعم الله النعم التي أنعم بها على الإنسان وقال الله عز وجل فيها (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (18)) أي إن نعم الله عليكم كثيرة لو اجتمع الناس على عدها لم يستطيعوا إحصاءها. وقد ذكرت هذه النعم إجمالاً وتفصيلاً تأصيلاً وتفريعاً وهنا قال في ختام السورة (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) هذا يقال إنه مثل لأهل مكة ضربه الله لهم بأمة سبقت وأمة بادت حلّت بها عقوبة الله جل وعلا وقال بعضهم بل المقصود بهم أهل مكة فالذين قالوا إن المقصود بهم أهل مكة قالوا إنهم بالفعل كانوا أهل قرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فبعث الله لهم محمداً صلى الله عليه وسلم فكفروا بأنعم الله وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجحدوا هذا الخير العظيم من الله بأن عبدوا مع الله غيره، الله يرزقهم وهم يعبدون سواه ويشركون معه أحداً غيره، فماذا فعل الله بهم؟ أذاقهم الله لباس الجوع والخوف. جعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسلط عليهم سنيناً كسني يوسف عليه السلام فسلطت عليهم سبع سنين رأوا فيها شدة حتى إنهم في أحد هذه السنين ذهب لهم كل شيء حتى أكلوا الجلود وأكلوا الذي لا يؤكل في العادة من شدة الجوع الذي حلّ بهم. وكذلك سلط الله عليهم الخوف وذلك عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم حصل لهم خوف من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت سراياه تصل إلى نواحي مكة وكان يخافون من أن يتغلب عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ينزل بهم بأسه عليه الصلاة والسلام. وقال بعضهم بل هذا ضرب مثل لأمة حصل لها هذا الأمر فخوف أهل مكة بهم يعني إحذروا يا أهل مكة إن كفرتم وتماديتم فيما أنتم فيه فإن الله قادر على أن يعيد لكم هذا الأمر الذي فعله بمن قبلكم. وهذا يبين لنا أن التاريخ كما يقال يعيد نفسه وأن هذه السنن تتكرر وتأتي مرة بعد أخرى. قال الله عز وجل (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً) آمنة لا تخاف أحداً كما قال الله عز وجل عن أهل مكة (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا (57) القصص) فالله عز وجل يمتن عليهم بـن من كان حولهم من قبائل العرب كانت تغزوهم القبائل الأقوى منهم وكانوا يتعرضون للسلب والنهب والقتل وكانوا يخافون على أنفسهم وأهليهم وذراريهم وأموالهم وأما أهل مكة فكانوا في أمن مطبق ولم يكن بمكة حصون ولم يكن بها شيء يقيها من الأعداء لِما أمنها الله سبحانه وتعالى به. قال (كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ) وهذا ما قلناه عن مكة لأن الله استجاب فيها دعاء إبراهيم (وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) إبراهيم) أهل مكة كانت تأتيهم الثمار والزروع والفواكه من كل مكان وكانت لهم رحلتان رحلة الشتاء إلى أرض اليمن ورحلة الصيف إلى أرض الشام وكانوا يجلبون من هاتين المنطقتين خيرات كثيرة غير ما يجلبه العرب لهم من الأرزاق والسمن والذبائح والخيرات التي لم تكن لغيرهم من أهل الأرض. قال الله عز وجل (يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا) أي واسعاً كثيراً شاملاً لكل أنواع الطيبات (مِّن كُلِّ مَكَانٍ) وليس من مكان معين كما يحصل في كثير من البلاد، دخلنا بلاداً لا يعرفون بعض أنواع الفواكه أو لا يعرفون بعض أنواع الخضار أو لا يعرفون بعض أنواع الأقوات ولم يروها وذلك لأن الرزق الذي يأتيهم إما من بلادهم أو من مناطق معينة أما مكة وكذلك ما جاور مكة فإن الرزق يأتيهم رغداً من كل مكان تأتيهم الفواكه من التشيلي ومن اسبانيا ومن الصين ومن روسيا ومن اليابان ومن اندونيسيا ومن كل مكان. قال الله عز وجل (فَكَفَرَتْ) يعني قابلت هذه النعم بالكفران والجحود، جحود هذه النعمة أول ما تكون بأن تنسب إلى غير الله وأن يُعبد غير الله سبحانه وتعالى وهو الذي أنعم وتفضل وجحود هذه النعمة أن تصرف في غير طاعة الله فيستعمل مثلاً التمر للخمر ويستعمل الرز ليقدم لمن يعصون الله سبحانه وتعالى ويستعان بع على النوم عن صلاة الفجر. (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ) ماذا فعل الله عز وجل بها عندما كفرت؟ (فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) تأملوا كيف جاء بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب كأن عقوبة الكفر كفر أنعم الله تكون عاجلة وسريعة وغير مؤجلة لمن كفر بنعم الله. وهذا الكفر ليس المقصود به الكفر العملي وإنما الكفر التام المطبق وقد يُلحق الله عز وجل بعض الكافرين كفراً عملياً بهذا النوع من أنواع العقوبة. ثم قال (لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) يعني كأنهم ألبسهم هذا الجوع وألبسهم هذا الخوف، كيف ذلك؟ يلبسهم يعني كأنما يحيط بهم من كل جانب فالجوع يأتي إليهم بسبب قلة المطر وبسبب انقطاع الطريق وبسبب غلاء الأسعار وبأسباب كثيرة وكذلك الخوف ياتيهم بسبب تسلط أعدائهم عليهم وبسبب كثرة السُراق وقطاع الطرق وبستت عدم تأمن الطرق واشياء كثيرة من هذا القبيل. فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يبدل أمننا خوفاً وشبعنا جوعاً وذلك بيده وحده فلا نأمن عقوبة الله وإيانا وإيانا أن نأمن مكر الله عز وجل بنا إن نحن كفرنا نعم الله!. ما هو المقابل لذلك؟ إن المقابل لذلك هو أن نشكر نعم الله سبحانه وتعالى فإن شكرنا فإن الله لم يعدنا بأن تبقى هذه النعم بل وعدنا وعداً قاطعاً أن يزدنا كما قال في سورة إبراهيم (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ). قال الله عز وجل (فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) أي بسبب ما كانوا يصنعون، ليس تقديراً من الله سبحانه وتعالى دون أن يكون السبب منكم فالسبب منكم والفضل منه وحده فهو الذي أنعم وهو الذي تفضل فلما تسببتم بقطع هذه النعمة وقطع هذا الفضل جزاكم بذلك الجزاء وقطع عنكم هذا الخير. قال الله عز وجل (وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) انظروا ما هو السبب؟ جاءهم رسول منهم يعرفون صدقه ويعرفون أمانته ويعرفون نسبه ويعرفون حاله فكذبوه قابلوا دعوته بالتكذيب فأخذهم العذاب ولاحظوا تأتي كل هذه الجمل معطوفة بالفاء الدالة على التعقيب يعني أن العقوبة تأتي عاجلة لهؤلاء المكذبون. وهم ظالمون لم يظلمهم الله ولكنهم ظلموا أنفسهم نسأل الله العافية والسلامة. ثم يوصينا الله عز وجل ويامرنا بأن نأكل من رزقه وأن نأكل من الطيبات وأن نستمتع بها لكن بشرط أن نشكر نعمة الله فيقول (فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً) أي دون ما سواه (طَيِّبًا) عليكم بالطيب دون ما عداه (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) اشكروا هذه النعمة. لما كانت هذه لسورة سورة النعم جيء بكلمة (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ) علماً بأن هذه الاية موجود لها نظير في سورة البقرة قال (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ (172)) لكن هذه السورة سورة النعم قال (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّه) والشكر يكون بالاعتراف بالقلب وإيمانه الصادق الجازم أنه ما من نعمة إلا من الله والشكر يكون باللسان أن يذكر الإنسان نعمة الله على لسانه ويحمد الله عليها والشكر يكون أيضاً بالجوارح كما قال الله عن آل داوود (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ). قال (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) دل بذلك على أن الشكر لا يكون إلا بعبادته وهنا يتبين لنا أننا إذا أردنا أن ننجو من عذاب الله العام أو الخاص فإنه يلزمنا للنجاة من عذاب الله أن نبتعد عن مساخط الله وأن نقابل نعم الله علينا التي لا تعد ولا تحصى بالشكر مقابلها بأن لا نكفر. كم من بيننا من ينعم الله تعالى عليه بالليل والنهار ويغدق عليه الرزق ويعطيه ثم يعطيه ثم يعطيه لكنه مع ذلك غافل عن الله. لو أحسن إليه رجل من عباد الله بأن أعطاه مبلغاً يسيراً أو كفاه مؤونة شيء أو قام معه في أمر تفريج كربة فإنه يجد في قلبه محبة لهذا الرجل ويتمنى أن يرد إليه الإحسان والله سبحانه وتعالى ينعم علينا في الليل والنهار، في الصغر والكبر في أنفسنا وفي أهلينا وفي ديارنا وأوطاننا وفي كل حال من أحوالنا ومع ذلك ننسى الله وننسى نعمته علينا. اسأل الله أن يعينني وإياكم جميعاً على أن نقوم بشكر نعمته علينا. اللهم اجعلنا من الشاكرين واجعلنا من الذاكرين واجعلنا من الصابرين واجعلنا من القائمين بطاعتك على كل حال يا رب العالمين. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:43 am | |
| الحلقة 21
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) قريش)
د. الربيعة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حياكم الله في برنامجكم القرآني "لنحيا بالقرآن" نسأل الله أن يحيي قلبونا بالقرآن. معنا اليوم سورة عظيمة من سور كتاب الله عز وجل هي سورة قريش وفي الحلقة 20 من هذا البرنامج. وسورة قريش هي سورة متممة لسورة الفيل ولعلنا نقف مع مقصدها وما يبرز فيها ثم ندلف إلى آياتها. هذه السورة هي امتنان من الله عز وجل على قريش الذين قد جعل الله لهم شأناً في بيته، فكانت لهم عظمة ببركة البيت وببركة هذا البيت حماهم الله عز وجل من أصحاب الفيل.
د. الخضيري: قال (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا (57) القصص)
د. الربيعة: ولهذا سميت قريش، هذا الشرف الذي نالوه ومنّ الله عليهم بولاية هذا البيت نعمة عظيمة، هل شكروها؟ وهل عبدوا الله عز وجل رب هذا البيت أم لا؟ فهذه السورة هي في امتنان الله عز زجل على قريش بأن جعلهم أصحاب شأن نبسبهم وبخدمتهم وولايتهم لهذا البيت. ونأخذ منها معنى عظيماً هو أن من أتاه الله شرفاً ومن أتاه الله مكانة ومن أتاه الله منزلة ينبغي ان يعرف هذه المنزلة وهذا القدر وفي معرفة حق الله عز وجل عليه الذي جعله في هذه المكانة.
د. الخضيري: يعني عندما ينعم الله عليك بنعمة فإن أول ما ينبغي أن تبادر إليه هو أن تشكر الله عز وجل على هذه النعمة فتسخِّرها في طاعة الله. هؤلاء القرشيون أنعم الله عليهم بأن حماهم من الفيل ومن أصحاب الفيل الذين كادوا أن يدمروهم وأن يستأصلوهم ولم يكن عندهم قدرة ولا طاقة على ردعهم وهذا سر مجاورة سورة الفيل لسورة قريش. والثاني أن الله سخر لهم رحلتيم للتجارة وهاتان الرحلتان كانتا سببين عظيمين من أسباب رفاهية أهل مكة فكانت لهم رحلة في الصيف إلى بلاد الشام ورحلة في الشتاء إلى بلاد اليمن يأخذون من هاتين الدارين ما لذ وطاب من أنواع الثمار من الزبيب والدقيق والثياب والملابس والمراكب وغيرها. ويسعون في الأرض لا يتعرض لهم أحد لأنهم أهل الحرم وأهل البيت فلا يتعرض لهم صعاليك العرب ولا يقطعون عليهم الطريق، هذه نعمة. ماذا يقابل هذه النعمة؟ قال الله عز وجل (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ). من أنعم الله عليه بنعمة فعليه أن يبادر بشكرها فإنه إن شكر زاده.
د. الربيعة: يعرف قدرها أولاً
د. الخضيري: يعرف قدرها ويشكر الله عز وجل عليها فإنه إن شكرها قرّت وإن كفرها فرّت، الفرق بينهما نقطة (قرّت - فرّت) إذا اعترفت فعبدت وسخرتها في طاعة الله فإنه قرّت بل ستزيد (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم) وإن تركت فرّت.
د. الربيعة: وهذا الأمر مما يغفل عنه كثير من الناس بعض الناس يؤتيه الله تعالى منزله، يوتيه نسباً شريفاً، يؤتيه الله تعالى جمالاً وبهاء هذا ليس حسابه مثل حساب فقير أو ضعيف في نسبه أو في ماله أو غير ذلك، لا شك أن كلاً سيحاسب على ما آتاه الله فليحسب لذلك الأمر حساباً. لندلف إلى السورة في آياتها نتفيؤ فيها المعاني التي يمكن أن نأخذها في حياتنا. (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) الله جعل لقريش أُلفة ائتلفوا فيما بينهم والعرب كانت قريش عندهم ألفة ومكانة وحفظ لكونهم أهل الحرم. وذكر بعض المفسرين في قوله (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) معاني لعلك تشير إليها لها اثر في دلالة الاية، (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) هل اللام متعلقة بما قبلها بسورة الفيل أو بما بعدها؟
د. الخضيري: بعض العلماء يقول إنها متعلقة بالسورة التي قبلها وهي قوله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿٥﴾ الفيل) يعني إنما جعل الله ذلك لكم لإيلاف قريش فهي كأنها لام للتعليل بالنسبة لما قبلها. لكن الطبري رحمه الله قال لا، قال لما فُصلت السورتان عُرف أن هذه السورة مستقلة بمعناها.
د. الربيعة: لعل في تمام السورة سؤال في قوله عز وجل (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) ماذا نلمس من هذه الآية في مناسبتها لما قبلها؟
د. الخضيري: لما ذكر الله عز وجل النعم التي أنعم بها عليهم وأعطاهم إياها جعل مقابل ذلك أن يتقدموا بشكر هذه النعمة فيعبدوا رب هذا البيت. هم أُكرموا لأجل هذا البيت وهذا البيت له رب وهذا الرب يجب أن يُفرد بالعبادة. الذي سخر لهم هذه النعم هو الله والذي يجب أن يُفرد بالعبادة هو الله سبحانه وتعالى ولذلك قال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ). مررت بقصة عجيبة يقولون إن رجلاً كان يتمسح بالكعبة وكأنه يستجديها ويسألها وكان يستنصر ويستجير بالكعبة يا كعبة الله، ويدعو الكعبة ويناديها ويجعل لها من العظمة والحرمة مثل ما لله سبحانه وتعالى فسمع به رجل من العلماء ولم يكن يعرف هذا الشيخ الذي يتحدث فالعالِم جاء إليه وقال يا أيها الشيخ أريد أن أقرأ عليك شيئاً من القرآن فقرأ عليه سورة قريش فقال إقرأ فقال العالِم سورة قريش فقال (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا هذا البيت) فقال الشيخ لا، (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) قال العالِم ليست الاية هكذا با فليعبدوا هذا البيت، ألست تقول يا كعبة الله وتستغيث بها؟ فتفطّن هذا الشيخ فلما جاء في مجلسه القادم قال للناس إني كنت اقول يا كعبة الله وأناديها وأستغيث بها ولكن الحق يقال أن هذا خطأ والمفروض أن أنادي الله سبحانه وتعالى وقد أنقذني الله بهذا الرجل.
د. الربيعة: لعل هذه القصة تجرنا وإن كان الحديث في غير سياق السورة إلى أولئك الذين يدعون غير الله ويتوسلون بأصحاب القبور، ألا يدعون ربهم عز وجل؟ ألا يتوجهون إلى الله مباشرة؟!. والله إن هذا لهو الحق. ختم الله تعالى هذه السورة بقوله (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)
د. الخضيري: يعني مقابل هذا الإطعام وهذا الأمن يجب أن تكون هناك عبادة وهذا يدلنا على عِظم هاتين النعمتين أن يبيت الإنسان وقد أمِن وامتلأ بطنه. هناك أمنان أمن داخلي فيه ما يقيه من شر الجوع وأمن ظاهري وهو أشد وأعظم وهو أن يكون آمنا من السُرّاق ومن الضربات وهجمات الأعداء فيجب الإنسان أن يستحضر الإنسان هاتين النعمتين نعمة الطعام ونعمة الأمن فهما من أجلّ نعم الله تعالى على الإنسان. وهذا ما تحقق لأهل مكة فإنهم كانوا آمنين فلا يخافون أن أحداً من العرب يهجم عليهم لأنهم في حرم الله وكان الرزق يأتيهم من كل مكان عندهم رحلة في الشتاء ورحلة في الصيف وكما قال الله تعالى في سورة النحل (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112))
د. الربيعة: مثال ليُعرف فعلاً قدر نعمة الله بإطعام الإنسان وبكفايته وأن حق ذلك العبادة. تصور لو أن إنساناً يعمل عاملاً وجاء إلى سيده فأعطاه راتبه أو أطعمه وأسقاه ثم ذهب يعمل عند غيره!
د. الخضيري: لا شك أن هذا الرجل سيحنث عليه حنثاً شديداً، أنا الذي أُطعمك وأنا الذي أسقيك وأنا الذي أغنيتك وأنا الذي أصرف لك راتباً وفي النهاية تجعل خدمتك وطاعتك وعبوديتك لغيري؟! لا شك أنه سيكون ظالماً وسيكون مستحقاً للعقوبة الشديدة الرادعة له ولأمثاله.
د. الربيعة: ختام الآية في قوله (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)
د. الخضيري: هذه فيها تقرير نعمة الأمن والله إنها من أعظم من الأمن ولا يعرف ذلك إلا من جرّبها. لا زلت أذكر أني لم أستشعر نعمة الأمن في لحظة من حياتي مثلما استشعرتها في الليالي التي كانت تُضرب فيها مدينة الرياض التي كنت أسكنها أيام حرب الخليج. فكنا غذا أردنا أن ننام أصبنا الخوف لأنه ستُرسل صواريخ وأن هذه الصواريخ قد تقع على بيتك أو على بيت مجاور فتهز بيتك وتؤذيك وتقلقك، فكان الناس يبيتون في خوف عظيم وخصوصاً إذا سمعنا صفارة الإنذار، والله إن هذا يذكّرنا بعظيم نعمة الأمن في بلادنا وهذه النعمة علينا أن نتذكرها وأن نحمد الله عليها ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا أصول النعم "من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا" إذا وجد لك الأمن والصحة والقوت الذي تقي نفسه به من الجوع فكأنك ملكت الدنيا يعني أن ما وراء ذلك من الدنيا هو فضل وزيادة ولا يضرك ما فاتك. فعلينا أن نحترم هذه النعم وأن نقدّرها وأن نشكر الله سبحانه وتعالى عليها ونسعى في حفظها. وهنا يأتي السؤال: كيف نسعى في حفظ هذه النعم التي أنعم الله تعالى بها علينا؟
د. الربيعة: لعل هذا جوابه صريحاً في هذه السورة العظيمة (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) أن نحقق لله حقه وهو العبادة، أن نشكره (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا (13) سبأ) فما آتاك الله من نعمة استخدمها في طاعة الله، آتاك الله عز وجل بيتاً استخدمه في طاعة الله ولا تضع فيه ما لا يرضي الله، آتاك الله سيارة لا تصرفها في طريق لا يرضي الله ولا تضع فيها ما يُغضب الله، آتاك الله زوجة وأولاداً فينبغي أن تجعلهم حماة لهذا الدين وأن تعلمهم وأن ترشدهم وتدلهم على الخير ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وإذا آتاك الله رغداً في العيش ورزقاً وافراً فينبغي أن يكون ذلك دافعاً لك في أن يزيد عملك الصالح ولا تبطر هذه النعمة فتجعل هذه النعمة سبباً في كبرياء وبطر على عباد الله كما قال الله عز وجل (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) العلق) هذه من أعظم الآفات في الإنسان أنه إذا اغتنى، أغناه الله بطر. هذه الصفة نجدها كثيراً في أولئك الناس الذين يمكّن الله عز وجل لهم في المال فيصرفونه في الحرام والصد على سبيل الله وفي البطر والكبرياء. أقول هذا السؤال العظيم حقاً يجب أن نقف معه وقفات لكي نستشعر ما آتانا الله عز وجل من الخير والنعمة.
د. الخضيري: كثير من الناس الآن لما أفاء الله عليهم بالنعم مع كل أسف وأكثر الله لهم من الخيرات صاروا يبذرون وصاروا يسرفون وترى الآن في الأفراح والأعراس ماذا يحصل بالنعم؟ توضع في القمامات في وقت هناك من المسلمين من هو محتاج ومن يمر به اليوم واليومين والثلاثة ولا يجد قوته وآخرون يأكلون الطعام وهم يأنفون منه ثم إذا انتهوا منه رموه في أي مكان، فوالله هذا لا يليق بنا نحن معاشر المسلمين. علينا أن نشكر الله وعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى.
د. الربيعة: هذه السورة العظيمة سورة قريش تعطينا معنى هو أننا نقدّر ما آتانا الله من النِعم نعمة الحسب والنسب ونعمة المال ونعمة الصحة والأمن والطعام والشراب ليكون ذلك دافعاً لنا لعبادة الله حق عبادته وشكر الله حق شكره. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن أدّى نعمة الله عز وجل وشكره حق شكره، لنا معكم بإذن الله لقاء آخر، نستودعكم الله وإلى اللقاء وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:44 am | |
| الحلقة 20:
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿٥﴾ الفيل)
د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هذا هو المجلس التاسع عشر من مجالسنا المباركة في هذا البرنامج "لنحيا بالقرآن". كما وعدناكم وكما عاهدناكم سنقف مع كل سورة من سور قصار المفصل لنأخذ وقفة أو وقفتين أو حسب ما يقتضيه المقام ونتحدث عن معنى الآية وكيف نحوّلها إلى برنامج عملي في حياتنا. هذا ما نقصده لنجعله منهجاً من مناهج التدبر التي طالبنا ربنا سبحانه وتعالى أن نُعامل بها كلامه ونقوم بها تجاه آيات الكتاب العزيز. معنا اليوم سورة الفيل، هذه السورة التي جعلها الله سبحانه وتعالى سلوةً للضعفاء، الضعفاء الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا، يسلّيهم الله عز وجل بهذه السورة ويقول لهم إنه سينصر أولئك الضعفاء وإن لم يكن بأيديهم ما ينتصرون به فالله قادر على كل شيء وبيده الأمر كله وله القوة كلها سبحانه وتعالى. وتعرفون -ولا يخفى على شريف علمكم- قصة الفيل عندما جاء أبرهة بجنود كثيرة ومعه أفيالٌ لا عهد للعرب بها قد قدِم بها من أرض الحبشة فجاء ليهدم بها الكعبة وليُذِلّ بها خُدّام الكعبة وليريهم أنه أعلى منهم شأناً. فماذا حصل؟ لما وقف على أبواب الحرم أرسل الله عز وجل عليه الطير الأبابيل إلى نهاية وحصلت القصة المعروفة فقتل من كان معه وقتل أبرهة ذاته فجعل الله عز وجل ذلك آية ونصراً عظيماً ودافع الله عز وجل عن حرماته وعن هذه المقدسات الشريفة وانتصر للضعفاء. في هذه السورة سنجعل المعلم الأول هو معلم الانتصار للضعفاء وأن الله هو القادر على شيء
د. الربيعة: هذه السورة تعطي المؤمنين سلوى بتعظيم قوة الله وأن قوة أهل الأرض مهما بلغت فليست عند الله وقوته شيئاً. انظر كيف غمز الله عز وجل إلى قوة الكافرين بالفيل الذي هو في جيش أبرهة علامة على أنه أقوى سلاح عندهم. فهذا الفيل الذي سُميت به السورة للدلالة على عظمته وأنه اتُخذ ليكون هيبة لقريش لجسده وعظمته وأن يروه بهذه المهابة فإنما اتخذ ليكون قوة عظمى. هذه القوة ماذا جعلها الله عز وجل؟ أولاً سخرها الله عز وجل بعدم تحقيق مرادهم فجثى الفيل ورجع إذا وُجِّه للكعبة توقف وإذا وُجّه للحبشة رجع. إذن نستطيع أن نأخذ من هذا أننا نحن المسلمون يجب أن لا نهاب ونخشى ونخاف قوة أعداء الله مهما بلغت ويجب ان نعظِّم قوة الله فقوة الله أعظم من كل قوة. إذا كان هذا حقاً يقيناً في قلوبنا فإننا بإذن الله عز وجل سيقوينا الله عز وجل وسيسخر لنا قوة أهل الأرض.
د. الخضيري: إذن نحن علينا أن نتفقد أنفسنا في معاملتنا مع الله ولنعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا تفقدنا هذه الأنفس فإن الله سينصرنا (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (30) الشورى) ولذلك قال الله عز وجل (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ (165) آل عمران) فنحن نقول القوة من عند الله والنصر من عند الله وهذه القوة التي بايدي الكافرين لا يمكن أن تعمل عملها أو تؤثر أثرها إلا إذا أذن الله لها بذلك. ولعل من الشواهد على ذلك ما مضى في سائر الأيام فيما مضى من هذه الأيام السابقة لنا عندما جاء اليهود بقدهم وقديدهم ومعهم السلاح الفتاك ومعهم قوة أميركا والدول الأوروبية لا ليغزوا دولة وإنما ليغزوا قرية إسمها غزّة وأحاطوا بها وجمعوا لها الجنود والعتاد والقوة ومعهم كل شيء وحاصروا إخواننا عاماً كاملاً منعوا عنهم الغذاء والمعدات وكل شيء ثم أرادوا أن يستأصلونهم وبقوا ثلاثاً وعشرين يوماً وهم يدكّونهم ليل نهار ويدمرون البيوت والبنى التحتية، ماذا حصل؟ رجعوا ولله الحمد خائبين خاسرين وكانت دليلاً على أن النصر بيد الله وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يدير هذه الأمور ويدبر ما يشاء ويفعل ما يريد.
د. الربيعة: مع أنهم استخدموا أسلحة لم يستخدموها من قبل. فهذا دليلنا في السورة تعطينا هذه السورة قدرة الله وعظمته سبحانه وتعالى وتعطينا ضعف أهل الأرض مهما بلغوا ومهما بلغت قوتهم ومهما آتاهم الله من قوة فهذه القوة من الذي سخرها لهم؟ إنه الله. الآية الأولى يقول الله عز وجل فيها (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ابتداء وهي خطاب للأمة كلها ألم تروا كيف فعل الله بأصحاب الفيل؟
د. الخضيري: هم لم يروا بالفعل لأن النبي صلى الله عليه وسلم وُلِد عام الفيل فالمقصود بـ (ألم تر) يعني ألم تعلم كيف فعل ربك بأصحاب الفيل.
د. الربيعة: رمز لهم بأصحاب الفيل، أصحاب تلك القوة. ثم قال (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)
د. الخضيري: ألم يجعل كيدهم، تخطيطهم، تدبيرهم، كونهم يبثون الرعب بين العرب بهذه الآلة التي لا علم للعرب بها جهل الله كيدهم في تضليل يعني جعل تدبيرهم تدميراً عليهم، هم كادوا كيداً (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) إبراهيم) لكن الله سبحانه وتعالى مكره أعظم، يمكرون ويمكر الله، يكيدون والله سبحانه وتعالى يكيد من ورائهم ولا يشعرون. وهذا ما نراه بأنفسنا عندما كادنا أعداؤنا سواء في غزة أو في العراق أو في مواقع أخرى من بلاد المسلمين، أرادوا شيئاً وخططوا له ودبروا له وكادوا المسلمين لكن الله سبحانه وتعالى أبطل كيدهم وردّه في نحورهم.
د. الربيعة: وتأمل قول الله عز وجل (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) أضلهم هم كانوا على تخطيط ثم أضلّهم الله عن هذا التخطيط الذي كانوا عليه.
د. الخضيري: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ) يمكن أن نستبط منها استنباطاً جميلاً وهي أن قوة الله سبحانه وتعالى كانت في هذه الطائرات الحيّة التي جاءت على هؤلاء المشركين من فوقهم وهذا يجعلنا نقول لأنفسنا وللمسلمين أنه يجب على المسلمين في هذا الزمان أن يمتلكوا هذه القوة وهي قوة الطيران ويستقلوا بها حتى يستطيعوا أن يهيمنوا بها على أرض المعركة.
د. الربيعة: يعني نستطيع أن نقول أن من أعظم القوى قوة الطيران. ولعل هذا يشهد له قوله تعالى (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى (17) الأنفال) هذه الطائرات ليست إلا بالرمي.
د. الخضيري: وهذه الطيور التي جاءت كانت تحمل معها حجارة فوقفت فوق هذا الجيش وبدأت ترميهم بحجارة حتى أبادتهم وأهلكتهم عن آخرهم فلم ينجو منهم ديّار.
د. الربيعة: وهنا ملحظ، انظر كيف أن الله عز وجل عامل هؤلاء أصحاب هؤلاء القوة أرسل عليهم من أضعف جنده، طيور صغيرة ماذا تُغني؟، أرسل عليهم طيوراً ليعلموا أن هذه الطيور مرسلة بقوة الله لم يرسل عليهم جبالاً ولم يرسل عليهم قوة عظيمة وإنما أرسل عليهم جنداً ضعيفاً هذا وهو ضعيف فكيف لو كانت القوة العظمى من الله عز وجل؟! فالله تعالى بقدرته وقوته يستطيع أن يُبطل أعظم قوة في الأرض بأضعف جند.
د. الخضيري: نعم وانظر إلى الريح، هذا الهواء اللطيف يسلطه الله سبحانه وتعالى علة من يشاء فيدمر ويذهب ويزيل ويقتلع الأشجار والأحجار والرجال العتاة الغلاظ حتى يجعلهم الله تعالى كأنهم أعجاز نخل خاوية، وهي ريح، هواء لطيف يسخره الله فيكون رحمة ويسلّطه فيكون عذاباً شديداً. ولذلك نحن نقول ينبغي علينا أن نكون مع الله وأن لا نخاف من أحد إلا من الله سبحانه وتعالى وأن تكون ثقتنا بالله وبما عند الله سبحانه وتعالى عظيمة جداً.
د. الربيعة: ما معنى أبابيل؟
د. الخضيري: طيراً أبابيل يعني جماعات غثر جماعات فكانت هذه الطيور تأتي من جهة البحر كما يقول بعض المفسرين تأتي جماعات إثر جماعات ومعها هذه الحجارة التي هي من سجيل أي من طين قد طُبخ وقد تصلّب.
د. الربيعة: قال بعض المفسرين أنها من حجارة النار.
د. الخضيري: من حجارة النار. فالمهم تأتي هذه الطير وترمي بالحجارة على هؤلاء الكفار وتقاتل عن بيت الله سبحانه وتعالى وهذا يدلنا على أن بيت الله محمي وأن شرع الله عز وجل لا يمكن لأحد أن يستأصله من الأرض كما قال الله جل وعلا (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ (97) المائدة) فهذه الكعبة باقية إلى أن ياذن الله عز وجل بزوالها فإذا زالت زال العالم وزالت الأرض وما عليها واذن الله بقيام الساعة.
د. الربيعة: لعلنا نتدبر ختام السورة (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ)
د. الخضيري: مثل الهشيم اليابس الذي قد أكلت الدواب شيئاً منه وداست شيئاً منه فصاروا في وضع يرثى له من شدة ما أصابهم من البلاء وما نزل بهم من العذاب نسأل الله العافية والسلامة. جاؤوا متكبرين وجاؤوا وهم ممتلئون حماسة وحيوية وإذا بالنتيجة تنتهي عند هذا الحدّ نسأل الله العافية والسلامة.
د. الربيعة: الحقيقة أن هذه السورة العظيمة سورة الفيل فيها تسلية للمؤمنين وبيان بأن الله عز وجل هو قوتهم العظمى حينما يتسلحون بالإيمان به والتوكل عليه والاعتماد عليه عز وجل أولاً وآخراً ثم الاستعانة بالأسباب التي يسخرها الله عز وجل بقوة كما قال الله عز وجل (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ (60) الأنفال) فالله تعالى أمرنا بفعل الأسباب لكن قبل ذلك أعظم سبب إيماننا ويقيننا بالله عز وجل. هذه السورة العظيمة نحن بحاجة إليها في هذا القوت الذي طغت فيه أمم الكفر وتجبرت وأذلّت المسلمين وسامتهم سوء العذاب في بقاع من الأرض. نحن بحاجة إلى أن نعتصم بقوة الله ونرجع إليها ونعلم أن هؤلاء حينما يصدون عن سبيل الله عز وجل فإن الله سيقهرهم ولكن يأمرنا الله عز وجل بأن ننصر دينه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد) نصر الله يأتي.
د. الخضيري: لعلنا قبل نختم لقاءنا حول هذه السورة العظيمة أذكر لطيفة جميلة وهي قوله (بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) فهم صاروا أصحاباً للفيل ولم يكن الفيل صاحباً لهم، لماذا؟ لأن الفيل جاء لمهم وهو قائم بأمر الله عز وجل يؤدي مهمته في نقل الناس وفي خدمتهم، لكن لما كانت مقاصدهم سيئة ومقصده ليس سيئاً لما جاءت النهاية التي هم أرادوها أن يستعملوا الفيل في تدمير عباد الله هذا الفيل أبى، فصاروا هم أصحاباً للفيل وكان الفيل سيداً. انظر إلى الكلب في سورة الكهف نُسِب إلى الفتية (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (22)) الكلب نُسب إليهم لأنه تابع للمؤمنين، وهنا هم أصبحوا تابعين أصحاب الفيل، لم يُذكروا ولم يبيّن حقيقتهم وإنما عُرّفوا أنهم أصحاب الفيل فكأن الفيل خير منهم ونحن نقول لكل مؤمن ولكل مؤمنة، هذا الحيوان قد يكون خيراً منك لأنه عرف حقيقة ما خُلِق له ولم تعرف أنت حقيقة ما خُلِقت له. لعلنا نختم بهذا المعنى. نسأل الله تعالى أن ينفعنا بكتابه وكلامه. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وإلى لقاء قادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:45 am | |
| الحلقة 19
(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر)
د. الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا هو المجلس الثامن عشر من مجالسنا في حلقات برنامجكم "لنحيا بالقرآن". هذه الحلقات المباركة التي نتدارس فيها آيات قصار المفصّل ونحاول أن نطبق هذه الآيات في حياتنا أو نأخذ من هذه الآيات ما نعمل به في حياتنا ونعطيكم بذلك النموذج العملي كيف نجعل من هذه الايات آيات تعيش في واقعنا وتحيا معنا ونهتدي بهديها ونقبس من نورها ولا يكن مجرد طلب الثواب أو البحث عن الأجر بكثرة قراءة الحروف هو المقصود الأعظم لنا، نعم الإنسان يؤجر بقراءة هذه الحروف ويثاب على ذلك ولله الحمد والمنّة ولكن أعظم من ذلك أن يهتدي الإنسان بالقرآن (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء). اليوم معنا سورة عظيمة قال فيها الإمام الشافعي رحمه الله "لوما أنزل الله حجة على خلقه إلا هي لكفتهم"، إنها سورة العصر هذه السورة التي قلّت آياتها وقصرت كلماتها لكن عظمت معانيها وجلّت واتسعت حتى شملت الدين كله. أقسم الله سبحانه وتعالى في أولها (وَالْعَصْرِ) ثم بيّن المُقسَم عليه (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ثم استثنى من هؤلاء الخاسرين وهم كل الناس (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). هذه السورة على قلة ألفاظها إلا أنها كبيرة المعاني والله لو حققناها في حياتنا لعلمنا أننا قد عملنا بالدين كله وكانت سبباً في نجاتنا وسبباً في صلاح جميع أحوالنا.
د. الربيعة: لعلي قبل هذا أشير إلى المعنى في مقصد السورة وفي موضوعها. السورة تلحظ منها تعظيم هذا الزمن الذي يعيشه الإنسان. جاء التعظيم من القَسم الذي افتتح الله تعالى به السورة ولذلك سميت السورة بالعصر لعظمة هذا الزمن الذي هو موضع العمل، العمل الصالح والعمل الفاسد، فيقسم الله تعالى بهذا الزمن الذي جعله الله وقتاً للعمل حُقّ له أن يُقسم به وإنه عظيم.
د. الخضيري: يعني النجاة الخسران والفلاح والفوز والبطر كله في هذا الزمان؟ في هذا الزمن فلتعتني أخي المسلم بهذا الزمن لكي تنجو.
د. الربيعة: فيه نجاتك، فيه خسارتك وفيه فوزك.
د. الخضيري: قال النبي صلى الله عليه وسلم مصداقاً لهذا الملام "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة الصحة والفراغ" يعني أن كثيراً من الناس عنده هاتان النعمتين ولا يحسن الإستفادة منهما ولا يستطيع أن يسخرهما لكي يكونا سبباً لنجاته وسبباً لتحصيل الخير له في الدنيا وفي الآخرة.
د. الربيعة: لعلنا نقف مع بداية السورة في قول الله عز وجل (والعصر) فتقف هنا تتأمل هذا العصر هذا الوقت الطويل، هذا العمر الذي تعيشه أنت أيها الإنسان وهذه الحياة التي سخرها الله عز وجل. تأمل هذه الوقفة في هذه الآية لها دلالة في تأملك وتدبرك لتعرف حقيقة هذا الوقت والإنسان لا يمكن أن يستفيد من الشيء إلا إذا عرف قيمته وقدره (ولو عظّموه في النفوس لعُظِّم) كيف تستفيد من وقتك؟ أن تتأمل فيه، لماذا خُلقت فيه؟ لماذا سخره الله لك وهيأه الله لك؟ إنه لأجل أن تعمل فيه بما يرضي الله عز وجل ويكون فيه نجاتك. (والعصر) ولفظ العصر هنا فيه فخامة وفيه عظمة فالتأمل في هذا العصر وهذه الحياة وهذا الزمن يجعلك تدرك حقيقة الزمن. إذا عرفت أنك اليوم شاباً ومتعك الله ستكون يوماً من الأيام كبيراً، أين زمن الشباب؟ ولّى وذهب. إذا كنت كبيراً فإن زمنك قد قرُب على الزوال فاغتنم ذلك
د. الخضيري: وكما ورد في الحديث "خذ من صحتك لمرضك ومن شبابك لهرمك"
د. الربيعة: ينبغي أن نتأمل في هذا الوقت، كثير من الناس تضيع عليه أوقاته وأيامه لأنه لا يدرك أهمية هذا الزمن وقيمته في الحياة ولو أدرك ذلك حقيقة لاغتنمه اغتناماً صحيحاً ثم يقول الله عز وجل بعد ذلك (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)
د. الخضيري: يعني كل الناس خاسرون
د. الربيعة: في الأصل الإنسان خاسر
د. الخضيري: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) مريم)
د. الربيعة: الإنسان بكونه إنساناً لكن حينما يتصف بصفات الدين فيكون مسلماً أو مؤمناً أو محسناً فإنه سينقلب من الخسران إلى الفلاح فالإنسان في أصله خسران إلا بما يملأ به هذا الزمان وهذا العصر بما يجعله رابحاً
د. الخضري: مما يؤكد كلامك من أن الإنسان خاسر قول الله عز وجل (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب) في الأصل أن الإنسان مركب فيه الظلم والجهل فإذا استجاب لهما ولبّى داعيهما في نفسه ولم يترفع ويزكي نفسه بالأخلاق الطيبة والعلم النافع والعمل الصالح فإنه لا محالة خاسر. ولذلك لكا يقول الله عز وجل لآدم يوم القيامة يا آدم أخرِج بعث النار فيُخرج بعث النار، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، والناجي من بني آدم واحد من ألف، هذا هو الناجي. هل أنت هذا الواحد؟ تأكد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الذي ينجو من بني آدم واحد من ألف، فهل عملت حتى تكون هذا الواحد؟
د. الربيعة: عمر رضي الله عنه كان يقول: لو قيل يوم القيامة كل الناس ناجون إلا رجل لظننت أني أنا هذا الرجل، من خوفه وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه!. في هذا السياق لو تأملنا واقع الناس اليوم في حياتهم لوجدنا أن كثيراً من الناس مغبون ومحروم من وقته وخسران، كم تضيع علينا الأوقات؟! تجد الإنسان يسمر مع زملائه ساعات ولا يبالي مع الأسف ولا يظن أنه خاسر
د. الخضيري: وعندما تقول هه في المقابل يا فلان هناك محاضرة، هناك درس، هناك جلسة قرآن، يقول لك والله أنا مشغول، عندي ارتباط، تأتي المشاغل وتأتي الهموم وتأتي الارتباطات عندما تكون هناك جلسة حقيقية تعيد الإنسان إلى صوابه وتعود بوصلة الإنسان للإتجاه الصحيح. أما عندما يكون هناك سمر وسهر ولعب ولهو فإن الإنسان يعطي الأوقات بلا حساب
د. الربيعة: أضرب مثالاً في وقت الصلاة تجد الناس إذا أتوا للصلاة وتأخر الإمام دقائق معدودة فإذا هم ينظر الواحد منهم إلى الآخر ثم إذا سلّم الإمام وخرج ربما يقف هو وصاحبه ساعة كاملة يتحدثون عند الباب في أمور الدنيا
د. الخضيري: أو ذهب إلى بيته وبقي أمام التلفاز يشاهد البرامج والله لا تعود عليه بشيء من النفع.
د. الربيعة: لماذا؟ أن مقياسه للحياة مقياس عكسي لو كان يعرف حقيقة هذا الزمن والوقت وأنك بطاعة الله ومكوثك في المسجد الذي تستغفر لك به الملائكة والله لازدت بذلك طمأنينة ومكوثاً. ثم الواقع الذي نعيشه تجد بعض الشباب يسمر مع أصحابه في استراحة أو على البحر أو في نزهة طيلة الليل ومن جلوسهم إلى انتهائهم لا يذكرون الله.
د. الخضيري: وهذه مصيبة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلّوا على النبي صلى الله عليه وسلم فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار". دعنا ننتقل إلى شروط النجاة والخسران، ذكر الله أربعة شروط يعني من حققها نجا ومن أخل بواحد منها فله نصيب من الخسران، قد يكون الخسران كاملاً وقد يكون ناقصاً قال (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
د. الربيعة: لعلنا نشير إشارات.
د. الخضيري: أولها الإيمان. أنا أريد أن أسأل نفسي وأسأل المشاهدين هل نحن مؤمنون حقاً؟ المؤمن حقاً هو الذي يرى ما وراء الغيب كأنه بين عينيه. أنت مؤمن بالجنة؟ تقول نعم أنا مؤمن بالجنة، لو كنت مؤمناً بها حقاً لعملت لها. أنت مؤمن بالنار؟ لو كنت مؤمناً بها حقاً لخفت منها ولحذرت منها. مثل أن تقول لإنسان أنت تحب الغنى؟ يقول نعم أنا أحب الغنى ولذلك أخرج إلى العمل من الصباح إلى الليل. هل تخاف من الفقر؟ نعم أنا أخاف من الفقر بدليل أني ما أترك فرصة يبدو لي فيها ربح أو مكسب إلا بادرت إليها. غذن أنت بالفعل تحب الغنى وتخشى الفقر. إذا لماذا لا تعامل الجنة والنار بمثل ذلك؟ لأن الإيمان ضعيف، باهت، قد ذبُل في نفسك. إذن ينبغي أن أراجع إيماني، إيماني بالله، إيماني برسله، إسماني بملائكته، إيماني باليوم الآخر، إيماني بالقدر، إيماني بالكتب، إيماني بكل ما أوجب الله عز وجل.
د. الربيعة: يعني من أعظم مقاييس الربح وموازينه الإيمان.
د. الخضيري: سأسمعك قصة ولا تخفى على مثلك. رجل رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى خيبر فدعاه النبي إلى الإسلام فأسلم ولما أسلم دخل الإيمان في قلبه فقال له بعض الصحابة إذهب إلى صاحبك فقال بل أذهب فأرد إليه الغنم وأعود لأقاتل مع رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه كأنه لم يستعجل عليه فقاللا، ألم أبايعك على أني إن قاتلت معك فقتلت دخلت الجنة؟ قال نعم، فذهب وردّ الغنم إلى صاحبها ثم جاء فقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أشار في كلامه مع رسول الله قال أريد يا رسول الله أن يأتيني سهم طائش فيضربني هاهنا فأموت فأدخل الجنة، فوجدوه وقد ضربه سهم في المكان الذي اشار إليه ولم يسجد لله سجدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه لم يسجد لله سجدة ومع ذلك دخل الجنة. انظر إلى مستوى الإيمان عندما ارتفع عند هذا الرجل تحقق له النجاة به بإذن الله.
د. الربيعة: أعظم موازين الربح الإيمان ولذلك يقول عمر رضي الله عنه "لو وُزِن إيمان الأمة بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر" لعظم إيمانه. الميزان الثاني من موازين الربح والخسارة هو العمل الصالح ربحاً والعمل السيء خسارة. فالعمل الصالح هو جميع أمور الطاعات بعد الإيمان من الصلاة والذكر وبر الوالدين وصلة الرحم والنفقة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الخُلُق
د. الخضيري: والقيام بهذه الوظائف الموكولة إلينا وأدائها على الوجه الصحيح هذه من العمل الصالح. والثالث التواصي بالحق أن أوصيك بالحق وتوصيني، أن أكون مرآة لك وأن تكون مرآة لي، اصدق معك وتصدق معي، أنصحك وتنصحني
د. الربيعة: والله هذه التي نحن بحاجة إليها.
د. الخضيري: والآن نلاحظ أن مجتمعاتنا صارت تسقط إذا رأينا واحداً من إخواننا قد نقصت دنياه جميعاً ننكب وننصحه عندما نراه قصّر في دنياه. مثلاً الأب لما يرى ابنه قد تخلف عن وظيفة أوعن المدرسة ينصحه ويشفق عليه ويعظه وقد يزجره ولا يهنأ له نوم ويخاف عليه أن يخسر في الدنيا، لكن عندما ينام عن الصلاة، عندما يترك الصوم، عندما لا يبادر إلى الحج، عندما لا يطيع الله عز وجل يقول لكم دينكم ولي ديني والهادي هو الله. لماذا لا يكون الهادي هو الله في أمور الدنيا؟
د. الربيعة: إذن يجب علينا أن نتواصى بالحق
د. الخضيري: وأن يكون كل واحد منا مرآة لأخيه. ويختم بالتواصي بالصبر.
د. الربيعة: التواصي بالصبر ختم الله بها هذه الصفات لأنها جامعة لهذه الأمور، نحن بحاجة إلى الصبر في الإيمان والعمل الصالح والتواصي. والتواصي بالصبر يعني في واقع حياتنا أن نصبر على طاعة الله ونصبر عن معصية الله ونصبر على أقدار الله المؤلمة، هذا هو كمال الصبر. ونحن في هذه الحياة كم تأتينا من الأمور التي ربما يواجهها الإنسان وقد لا يصبر. يحتاج لأن يوثق نفسه بالصبر. فأنت أيها المؤمن حينما تتصف بهذه الصفات الأربعة الإيمان والعمل الصالح ثم تنشر هذا الإيمان والعمل الصالح بالدعوة والتواصي بينك وبين إخوانك ثم تصبر وتثبت إن هذا هو الدين الحق وأن هذا هو الربح والفوز.
د. الخضيري: ومما يؤكد كلامك بأن الصبر ليس صبراً على أقدار الله فقط وإنما أيضاً على طاعة الله قول الله عز وجل (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) طه) لما استعمل الصبر في أمر الأهل بالصلاة قال واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى. هذه الأمور الأربعة إذا التزمنا بها وقمنا بها وتعاهدنا عليها ووصى بعضنا بعضاً بها فإننا والله مفلحون ناجحون مدركون لخيري الدنيا والآخرة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينني وغياكم على ذلك وإلى لقاء قادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:46 am | |
| الحلقة 18
(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴿١﴾ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴿٢﴾ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٤﴾ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴿٥﴾ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴿٦﴾ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴿٧﴾ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴿٨﴾)
د. الربيعة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نسأل الله عز وجل أن يحيي قلوبنا بالقرآن. نحن مع مجالس هذا البرنامج المبارك مع المجلس السابع عشر مع سورة التكاثر. لعلنا نقف وقفة مقدة مع هذه السورة ثم ندلف إلى ما فيها من درر وآيات بينات. بالتأمل في هذه السورة والتدبر فيها نجد أن هذه السورة تتوجه أول من تتوجه إليه إلى أولئك الذين شغلتهم دنياهم عن آخرتهم، إلى أولئك الذين همهم في هذه الحياة الدنيا الجمع والتكاثر متناسين ذلك اليوم الذي سيلقونه وتلك النار العظيمة التي سيصلاها العصاة والكافرين. ولذلك القارئ خينما يقرأ هذه الآية ينبغي أن يلحظ هذا المعنى وهو أن هذه السورة هي موعظة له حينما كان منشغلاً بأمر دنياه عن آخرته، بتكاثره، بماله، بأصوله، بأولاده، التكارث هنا يعم كل شيء. كما قال الضحّاك قال هذه سورة التُجّار، كيف هي سورة التُجّار؟ إنها موعظة للتجار. وأذكر أحد الإخوة ذكر لي قال جاءني رجل أعمال يقول أنا مع ما آاتني الله من مال فأنا أعيش في ضيق وأجد ضغطاً نفسياً فما الحل وما العلاج؟ قال لن أعطيك علاجاً صعباً وإنما سأعطيك علاجاً يسيراً بإذن الله،
د. الخضيري: ما هو هذا العلاج؟
د. الربيعة: قال أريدك أن تقرأ سورة التكاثر عشرين مرة، قال سورة التكاثر؟ سورة نحفظها جميعاً قال تقرأها وتسمعها لكنك لم تفهمها كما ينبغي.
د. الخضيري: ولم تتعظ بها كما ينبغي أن يتعظ بها.
د. الربيعة: لو قرأتها كما أراد الله منك في قراءتها والله لوعظتك وجدت قيمة الحياة وعرفت قيمة المال الذي عندك. قال فذهب فأكثر من قراءتها يقول فلقيته بعد مدة قال والله إني وجدت لها أثراً وطعماً في نفسي وفي حياتي، قال كيف؟ قال وعرفت قيمة الحياة حقاً وقيمة المال الذي أنا فيه فإن همّي الذي انغمس في هذا المال وهذا التكاثر وهذا الجمع هو في الحقيقة الذي أقلقني وهو الذي ملأ قلبي غفلة عن الآخرة ولم أجد للصلاة طعماً ولم أجد لذكر الله أثراً فعرفت أنني في طريق الخطأ.
د. الخضيري: ولذلك جاء التعبير في السورة بـ (ألهاكم) يعني كلما يشغل الإنسان عن ربه سبحانه وتعالى بما هو صورته قد تكون حسنة لكنه يريد أن يكاثر زميله وصديقه وأخاه وأباه وجماعته واقاربه ومن حوله أن يقول لهم أنا أكثركم مالاً، أنا أكثركم دمراً، أنا أكثركم بساتين، أنا أكثركم سيارات، أنا أكثركم شهادات. هنا عندما يكون قصد الإنسان هو التكاثر يكون ما هو فيه له، حتى أذكر شيئاً في غاية الغرابة وهو لو أن إنساناً أراد أن يجمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أن يقول لزملائه وأقرانه أنا أحفظ أكثر منكم بل أريد أن أذكر ما هو أغرب من ذلك وهو أن الإنسان قد يحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظها عبادة ومع ذلك لا يكون قصده إلا ليكاثر بها أصحابه وزملاءه واقرانه ومشايخه يقول أنا أحفظ منكم، أنا أكثر جمعاً للأحاديث منكم، فيكون بذلك مع أنه في ظاهره في أمر الدين إلا أن الذي حمله على ذلك المفاخرة، لم يحفظها ليعمل بها، لم يحفظها من أجل أن يبلّغها وأن يقوم بحقها وإنما من أجل أن يقول أنا أكثر منكم. فما دام هذا فإن الذي يفعله يعتبر لهواً. ولاحظ أنه عبّر باللهو لأن اللهو مشغلة للقلب، بمعنى أن قلبه قد انشغل. لأن العادة في القرآن إذا عبّر باللهو فمعنى ذلك أنه للقلب وإذا عبّر باللعب فمعنى ذلك أنه للبدن. (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت) اللعب للبدن واللهو للقلوب. نحن نقول هذه موعظة لنا جميعاً أنه أي شيء ننافس فيه ونحرص عليه إن كان مرادنا به وجه الله وزيادة العمل فهذا ليس لهواً وإن كان مرادنا أن ننافس به الأصدقاء والأصحاب ونلفت به أنظار الناس ونوجه به قلوبهم إلينا فهذا لهو ولا ينفعنا عند الله.
د. الربيعة: إذن المناط هو النية
د. الخضيري: نعم المناط هو النية. هذا فيما هو من عمل الآخرة أما فيما هو من أعمال الدنيا فهذا ينبغي أن يكون الإنسان حذراً فيه، أحياماً الإناسن يجمع الدنيا ثم يجمع ثم يجمع تقول له لماذا؟ ما الذي يحملك على أن تجمع هذه الدنيا ولو كانت من حِلّ وتترك الواجبات من صلة الرحم وبر الوالدين والصلاة مع الجماعة والقيام بحقوق الله والقيام حقوق الزوجة والولد وغير ذلك؟ فيقول حتى تكون أموالي كثيرة، حتى أصل إلى الأرقام التي وصل إليها فلان وفلان، وحتى أستطيع أن أكون أكبر وأكثر وأقدر وأغنى (يريد أفعل التفضيل أيّاً كان، على حساب ماذا؟)
د. الربيعة: لو أن الإنسان اعتنى بجمع المال وأحسن الني وجاهد نفسه أن لا تشغله عن طاعة الله واجتهد في إخراج ما ييسر الله ويعينه الله عليه في أمور الخير هل يلام في هذا؟ تكاثر في المال لكن ليس قصده أن يباهي ويفاخر إنما قصده أن يكون عنده مال يغنيه عن الناس ويكون قصده بإذن الله نفع هذه الأمة بإنفاق المال، هل يُلام في هذا؟ أو هل يعد من أهل هذه الآية أم لا؟
د. الخضيري: إذا قصد بماله أن يجمعه لينفقه في سبيل الله فإني أرجو أن لا يكون داخلاً في هذه الآية. لكن هل تتوقع أن أحداً من الناس يجتهد في الدنيا فلا يُضر إجتهاده في الدنيا بآخرته؟! هما ضرّتان ولذلك ينبغي على الإنسان أولاً إذا فتح الله عليه شيئاً من الدنيا أن يكون متيقظاً لحظّ الآخرة، لحق الله عز وجل في الواجب الذي أوجبه الله عليه ثم ما بقي من الوقت أو زاد إذا صرفه في أمور الدنيا فإنه لا ملامة عليه بإذن الله إذا نوى في ذلك النية الطيبة وصدق في عمله.
د. الربيعة: ما الذي يجعله يذكره بأن لا تكون نيته التكاثر؟ لأنه قد يغفل
د. الخضيري: قد يكون والله أعلم من أهم الأسباب التي تقيه من ذلك أن يستكثر من مجالسة الصالحين فإن هؤلاء يردونه كلما شعر بأنه قد انغمس في الحياة ردّوه كما قال عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) الكهف) هذا أمر. والثاني قراءة القرآن بتدبر فإنه إذا قرأ القرآن كلما قرأ من ورده شيئاً رجع إلى الحقيقة وفكر لماذا خُلِق؟ وعاد إلى الله سبحانه وتعالى وسخر هذه الدنيا التي أوتيها في طاعة الله جل وعلا ولم تصرفه عن أداء الحقوق والقيام بالواجبات.
د. الربيعة: ولذلك قال الله عز وجل بعدها (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) مما يجعلك تتذكر وتعرف حقيقة هذا المال ونهاية هذا التكاثر أنك ستتركه وتزور المقابر.
د. الخضيري: ما المقصود بتزور المقابر؟
د. الربيعة: إما أن يكون المقصود بها أجلُك ستزورها يوماً من الأيام بعد موتك وتكون من أهلها.
د. الخضيري: يقولون قد سُميت زيارة لأنها قصيرة هي برزخ ثم بعدها يُبعث الإنسان ويعيش الحياة الحقيقية إما في نعيم دائم أو في عذاب مقيم والعياذ بالله.
د. الربيعة: أيضاً نلمس من هذا أن زيارة المقابر وزيارة القبور مما تذكّر بالآخرة وتُبعد عن التكاثر في الدنيا وغيرها.
د. الخضيري: ولذلك قال النبي صلى اله عليه وسلم "أكثروا من ذكر هادم اللذات" و"وزوروا المقابر فإنها تذكركم الآخرة" فنقول داوي قلبك يا مسلم كلما شعرت أنك انغمست في هذه الحياة وكاثرت الناس وبدأت تنشغل بها عما خُلٌِت له داوي قلبك بأن تجعل لنفسك زيارة بين أسبوع وآخر بين شهر وآخر، تذهب فتزور المقابر تنظر إليها وتعتبر وتتفكر، زيارة المقابر ليس المقصود بها أن نستشفع بالموتى أو نسألهم أو نستعين بهم فهم بحاجة إلى دعائنا وصلواتنا وسلامنا عليهم أن نسلم عليهم وندعو لهم بالرحمة والمغفرة ونتذكر الآخرة.
د. الربيعة: معنى ذلك أن من أعظم ما يجعل الإنسان في هذه الدنيا مّتزناً هو أن يتذكر الآخرة. ثم انظر ماذا قال الله بعد ذلك، ليس فقط تذكرك لهذه المقابر قال (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٤﴾ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴿٥﴾ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴿٦﴾) وهذه هي والله الطامة الكبرى. هذه التي تجعل الناس حقاً يتذكر هذه التي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم "ذكر النار يجثو لها الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون"
د. الخضيري: في ذلك اليوم تجثو كل أمة من شدة ما ترى من الهول. وأنا أقول والله أعلم إنما ذُكرت النار لما قال الله عز وجل (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) ذُكرت النار لأن ذكرها هو الذي يؤثر في قلب الإنسان فيوقفه عند حده ويجعله يتذكر أنا عندما اقف بين يدي الله وأقوم وهذه النار جيء بها لها سبعون ألف زمام مع كل زمان سبعون ألف ملك يجرّونها، ماذا ينفعني؟! هل سينفعني هذه الصور التي جمعتها؟ هؤلاء الأصدقاء الذين تكاثرت بهم؟ هذه النوادي التي سجّلت بها؟ هذه الشهادات التي حصّلتها؟ هذه الأموال التي جمعتها من حلال أو من حرام إذا كان الإنسان كاثر بها عما أوجب الله عز وجل عليه؟ عند ذلك سيندم على كل ما تشاغل به عن ذكر النار والاستعداد لها.
د. الربيعة: انظر إلى ختام السورة وما مناسبته للسورة؟ ما هو ختام السورة؟
د. الخضيري: ختام السورة ختمها بقوله (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)
د. الربيعة: هذا تذكير آخر مما يجعل الإنسان يوقفه عن هذا اللهو والتكاثر بالمال في هذه الدنيا والإنشغال به عن طاعة الله أنه يعلم أنه مسؤول عنه.
د. الخضيري: هذه الآية تذكرني بقصة وقعت مع النبي صلى الله عليه وسلم خرج مرة أبو بكر وعمر وكلٌ منهما قد وضع على بطنه حجراً من شدة الجوع وجلسا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخرجكما؟ قالا والله يا رسول الله ما أخرجنا إلا الجوع وأرياه الحجر الذي على بطونهم فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بطنه وإذا عليه حجران يعني هو أشد جوعاً منهم فعند ذلك رقّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لحالهما وأراد أن يزور رجلاً من الأنصار كان الله عز وجل قد أفاء عليه وهو أبو الهيثم اين تيّه فذهب إليه في بستان قريب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء إليه في بستانه سلّم فردّت امرأته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين ابو الهيثم؟ قالت إنه ذهب يستعذب لنا الماء فأمرتهم بالدخول فدخلوا في البستان فجاء أبو الهيثم وقال من أكرم مني أضيافاً اليوم؟ فذهب وجذ لهم عرقاً من النخل ووضعه بين ايديهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلاّ اجتليت لنا أي انتخبت لنا شيئاً من التمر أو من الرطب فقال أبو الهيثم يا رسول الله إني أردت أن تأكلوا من بُسره ورُطبه وتمره. ثم أخذ المدية يعني السكين يريد أن يذبح فقال النبي صلى الله عليه وسلك إياك والحلوب يعني لا تضر بنفسك وتذبح شاة من غنمك يكون فيها حليب فيه نفع لك ولأولادك، يعني إذبح جدياً فذبح لهم وشوى لهم ثم قرب لهم الطعام فأكلوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما قُرِّب لهم الماء قال لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، ولما قُرب لهم التمر قال لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ولما قُرب لهم اللحم قال لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة.
د. الربيعة: وهم إنما أكلوا من جوع
د. الخضيري: من جوع وفي حال بئيس وشدة وقد يأكلون اليوم ويبقون بعده يومين لا يأكلون شيئاً. فقال عمر يا رسول الله أونُسأل عن هذا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عمر ألم تسمع ربك يقول (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)؟ إذا كان رسول الله يقول لصاحبيه وهما أجلّ الناس وأعظم الناس وأعبد الناس يقول لهم ستسألون عن هذا النعيم، فما بالنا بي وبك؟ فما بالنا بأنفسنا؟ ماذا نقول وهذه النعم من حولنا قد طغت علينا أو كثرت علينا ومع ذلك نتباطئ بشكر الله، نسهر عن صلاة الفجر، ونتثاقل عندما نجر أنفسنا لنذهب إلى المسجد لنقيم صلاة مما أمر الله سبحانه وتعالى أن نؤديه. والله لنُأالنّ عن هذا النعيم، عن الأنوار والمكيفات والشوارع والسيارات والمياه وكل شيء مما حولنا فلنتق الله عز وجل ولنعدّ لهذا السؤال جواباً. وأحب أن أذكّركم بقول النبي صلى الله عليه وسلم إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة أن يُقال له ألم نصلح لك جسمك ونرويك من الماء البارد؟ وكثير منا ولله الحمد قد أصح الله لهم أجسامهم واعطاه من الماء البارد فهذه نعم وسنسأل عنها يوم القيامة وسؤال الله عز وجل لنا عن هذه النعم يعني هل أدينا شكرها وهل قمنا بالواجب في مقابل ذلك؟ إسأل نفسك أخي وإسألي نفسك أختي الكريمة هل أديت ذلك وحمدت الله على النعمة؟.
د. الربيعة: إذن هذه السورة ما أعظمها أنها تعطينا موعظة وتذكّر بأمر هذه الدنيا وحقيقتها وما ينبغي أن نتمثله فيها أن نتذكر الآخرة وأننا مسؤولون عن هذا النعيم. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الشاكرين الذاكرين. ولنا بإذن الله عز وجل لقاء مع سورة أخرى وصلى الله علي نبيينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| |
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| |
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| |
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:52 am | |
| الحلقة 15
د. الربيعة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وأصلي وأسلم على نبينا محمد الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين. ما زلنا وإياكم في عرض الحلقات المباركة مع برنامج نريد أن نعيش وإياكم فيه مع القرآن "لنحيا بالقرآن" وفي هذه الحلقة نعيش جميعاً وإياكم فيها بإذن الله مع سورة كريمة من سور القرآن من قصار المفصل وهي سورة العاديات. (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ﴿١﴾ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ﴿٢﴾ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ﴿٣﴾ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ﴿٤﴾ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ﴿٥﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴿٦﴾ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴿٧﴾ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴿٨﴾ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴿٩﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ﴿١٠﴾ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ﴿١١﴾) لعلنا نقف منها أولاً وقفة متدبرة نستخرج منها أبرز ما فيها والمقصد الذي ربما أن يكون تجمعه. حينما نتأمل إمسها العاديات ونتأمل افتتاح الله عز وجل بالقسم بالعاديات بصفاتها الخمس ثم جواب القسم في بيان حال الإنسان إذا تجرد عن حقيقته حقيقة الدين نعلم أن هذه السورة تبين لنا حقيقة الإنسان وهدفه في الحياة. ما هو هدفه في الحياة؟ ما هو الأمر الذي يكون عليه الذي خلقه الله من أجله؟ وما هو الأمر الذي يكون عليه إذا تجرد عن دين الله عز وجل؟. تأمل كيف افتتح الله سبحانه وتعالى هذه السورة بالقسم بالعاديات. والعاديات على القولين أنها الخيل أو الجِمال، لكن الأصح أنها الخيل وهي الأكثر عند المفسرين. وهي ليست كل خيل وإنما هي الخيل التي تعدو في الجهاد في سبيل الله عز وجل، أي الخيل التي تحمل غايتها أو حقيقة هدفها في الحياة، ما هو أعظم غاية لهذه الخيل؟ هو الجهاد (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) الأنفال) من الخيل من أعظم أغراضها أهدافها أن تكون مركوباً للجهاد في سبيل الله. لعلنا نتأمل أوصاف هذه الخيل والصفات الخمس وماذا تعني؟ أولاً (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) ما معنى العاديات ضبحاً؟
د. الخضيري: العاديات من العدو وهي السرعة والضبح صوت أنفاس الخيل عند الجري
د. الربيعة: لعلنا نلمس من هذا المعنى وهو انطلاقها بقوة إلى هدفها وهذا يجعلنا نأخذ معنى يحققه الإنسان في هدفه في الحياة وهو العبودية أن ينطلق إلى هدفه بقوة ويكون انطلاقه صادقاً، انطلاقاً صادقاً وانطلاقاً قوياً.
د. الخضيري: بمعنى أنه لا يكون ممن يجر رجله في أهداف الحياة جراً بل يكون مقبلاً عليها. ولذلك ذكر الله عز وجل حال المؤمنين بأنهم إذا أتوا إلى عمل الآخرة يسعون لها سعياً قال عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ (9) الجمعة) ليس اسعوا يعني اركضوا وإنم أقبلوا، (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا (19) الإسراء) وسابقوا وسارعوا وفي المقابل ذكر المنافقين (وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى (142) النساء) يجر الواحد منهم رجليه جراً إلى الصلاة.
د. الربيعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ (38) التوبة) هذا في حال المنافقين. إذن هذه الصفة تعطينا وصفاً ينبغي أن نتحلى به نحن عباد الله وهو السعي والمسابقة إلى عبادة الله عز وجل إذا كانت هذه الخيل قد انتصرت فنحن أولى بها. ثم يقول الله تعالى بعد ذلك (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) ما المعنى الذي نفهمه من هذه الآية؟
د. الخضيري: الإيراء هو ما يحصل من ضرب حوافر الخيل للصخر والحصى فينقدح مثل النار ولذلك قال (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) إذا ضربت حوافرها بالصخر خرج من الصخر أو من حوافرها مثل الشرر بسبب ضربها أو عدوها على تلك الحصى.
د. الربيعة: لعلنا إذا كان هذا المعنى نلمس فيه معنى ظاهرة في قوة هذا الخيل، إذا كانت هذه الخيل تضرب بالأرض ضرباً حتى تقدح الحجارة بالنار
د. الخضيري: الآية الأولى أخذنا منها الانطلاق والسرعة
د. الربيعة: والثانية القوة. كيف يكون المسلم قوياً؟
د. الخضيري: يكون قوياً إذا أعدّ نفسه إعداداً جيداً وحرص على تقوية نفسه نفسياً وإيمانياً وجسمياً أيضاً ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف" ويوسف عليه الصلاة والسلام قال في وصف نفسه (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) يوسف) عنده القوة على حفظ الشيء والقوة على إدارته والإحاطة به وحسن ترتيبه والقيام به.
د. الربيعة: إذن هي القوة في كل مجالات الحياة حتى القوة في جسمه لأنه إذا قوي في جسمه
د. الخضيري: قوي على طاعة الله عز وجل ولذلك وصف طالوت قال (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (247) البقرة)
د. الربيعة: الوصف الثالث (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا) حينما تتأمل في هذه الجملة تلحط معنى عظيماً وهي أن هذه الخيل وهي تسير إلى الجهاد تبادر العدو صباحاً أي أنها تبدأ عملها في الصباح الباكر
د. الخضيري: وقد بورك لهذه الأمر في بكورها
د. الربيعة: نلمس من هذا معنى عظيماً وهو أننا نحن المسلمين يجب أن نبادر وما هو أول عمل يعمله الإنسان في يومه؟
د. الخضيري: لا شك أن أول ما يفتتح به المسلم يومه به هو الصلاة وذكر الله عز وجل لذلك المسلم ينادى للفجر فيقوم ويجيب النداء إن كان رجلاً ذهب إلى المسجد وإن كانت امرأة صلّت في بيتها فيفتتح يومه بذكر الله وبالصلاة وإذا افتتح المسلم ذلك اليوم بهذين الأمرين فلا شك أن هذا اليوم يوم مبارك ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "من صلّى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يُمسي" في حفظ الله ورعايته والله سبحانه وتعالى سيطالب من يسيء إليه ويلاحقه ويتابعه حتى يأخذه بالجريرة.
د. الربيعة: إذن نأخذ من هذا الوصف وصف المبادرة، المسلم مبادر دائماً في المقدمة ولذلك السبق إلى الصف الأول كم جاء فيه من الأحاديث والسبق إلى الأعمال الصالحة والسبق إلى كل عمل يرضي الله عز وجل
د. الخضيري: ولذلك في مرة من المرات جاء نفر من الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ثياب رديئة جداً فقام أحد الصحابة فبادر فذهب وجاء بصُرة من الدراهم تكاد يده تعجز عن حملها فوضعها بين يدي رسول الله فتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كأنه مذهبة ثم تقاطر الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم "من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" يعني ذاك الأول له أجر من جاء بعده ممن عمل مثل عمله.
د. الربيعة: يعني إذا كنت أيها المسلم أول عامل في عمل وتبعك الناس فلك أجرك وأجرهم. الوصف الرابع (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا) ما معنى هذا الوصف؟
د. الخضيري: إذا عدت الخيل وأورت يعني قدحت النار في عدوها صار للغبار ثوران أثرن به نقعاً أي غباراً أثارت الغبار في ساحة المعركة
د. الربيعة: لعل هذا يعطينا معنى في هذه الخيل للمسلم في حياته وهو أن يكون له غبار وأثر وصولة وجولة في المجتمع ويكون هنا في دعوة إلى الله وهنا في نفع المساكين وهنا في مجالات متعددة في الخير، له أثره في المجتمع وله وجوده.
د. الخضيري: يعني ليس صالحاً في نفسه بل صالح مصلح ولما وصف الني صلى الله عليه وسلم الطائفة المنصورة قال "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي" لما سُئل عنهم قال الذي يصلحون إذا فسد الناس أو يصلحون من أفسد الناس.
د. الربيعة: لعل له معنى آخر وهو أن هذه الخيل تصول على العدو فأنت أيها المسلم يجب أن يكون لك صولة على عدوك، كيف ذلك؟.
د. الخضيري: عندما يخطط المسلم لأعماله بشكل جيد ولا تكون أعماله ردود فعل لما يعمله الكفار بل يخطط من أجل أن ينتقص من هؤلاء الكفار ومن أجل أن يزيد في بلاد الإسلام ودولة الإسلام فلا شك أن ذلك هو الذي يؤذي الكفار قد يعمل أعمالاً لكن في نهاية المطاف لا يكون لها ثمرة ولكن على الإنسان أن يعمل أعمالاً مفيدة ويسعى لها سعياً شديداً.
د. الربيعة: الوصف الأخير لهذه الخيل (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا) يعني كانت في وسط العدو وهذا معنى نأخذ منه والله أعلم أنك أنت أيها المسلم يجب أن تكون دائماً في وسط الناس، في موقع القيادة في موضع التأثير وفي موضع القدوة فما أحرانا أن نتصف بصفات هذه الخيل. لكن لعلنا نعقّب على الجزء الثاني من هذه السورة.
د. الخضيري: في هذه الأوصاف المستنبطة مما أقسم الله عز وجل به هو من التدبر العميق الذي قد لا يستطيعه كل واحد ولكن نبين أن كل ىية تحتها من الأعمال ما هو جدير بالانتباه وجدير بالتوقف، هذا نموذج ما ذكره الدكتور في هذه المقدمة هو نموذج، أما النموذج الآخر وهو الواضح البيّن الذي يستطيعه كل واحد منا انظروا قد أقسم الله تعالى بهذه الأقسام الخمسة (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي من طبع الإنسان أنه جحود لنعم الله، ينعم الله عليه فيجحد نعم الله عليه ولا يشكرها ولا يؤديها دائماً يتذمر من قضاء الله وقدره دائماً يتشكى، دائماً ينسى النعم التي أنعمها الله عليه، إذا أصابته يوماً ضراء نسي ألف يوم من السرّاء جحد نعمة الله عز وجل ونسي فضل الله عز وجل وهذا ما لا ينبغي أن يكون المسلم عليه بل من العجائب التي ذكرها بعض أهل العلم قالوا إن الخيل يكرمها صاحبها فإذا جاء يوم الشدة ويوم الجهاد أقدمت ودخلت في ساحة المعركة تريد أن تنتصر لصاحبها أما الإنسان فإنه بعكس ذلك يكرمه ربه سبحانه وتعالى ويعطيه وإذا أراد منه أن يطيعه ويسجد له تلكأ وتأخر فلا يكون الخيل أفقه منك ولا يكون أحسن حالاً منك بل عليك أن تكون نبيهاً شريفاً ذا مروءة وذا نظر صائب فتشكر نعمة الله عز وجل دائماً وأبداً وتذكر أن نعم الله عليك كثيرة.
د. الربيعة: وقفة عند كلمة (كنود) كلمة رجعت إلى أقوال المفرسين فيها فوجدت فيها معاني متعددة جحود وكفور وغير ذلك من المعاني وفكأن هذه الكلمة تجمع مساوئ الإنسان قد تكون بضد تلك الحسنات الخمس كأن كنود تجمع الصفات السيئة للإنسان الذي لم يتصف بهذا الدين الذي يشرفه الله تعالى به
د. الخضيري: لاحظ قول الله عز وجل (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) أريد أن أبين أمرين الأمر الأول قوله (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْر) الخير هنا بمعنى المال وهذا المعنى معروف في كتاب الله عز وجل قال الله عز وجل (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة) خيراً أي مالاً والمقصود مالاً كثيراً، (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد) أي يعظم هذا المال وهذا نلاحظه من أنفسنا وممن حولنا فكل الناس متفقون على محبة المال وما يسلم من محبة المال إلا من امتلأ قلبه بحب الله عز وجل فالمال يعتبر عنده وسيلة. هذه الآية تدلنا على أن الإنسان يحب المال حباً شديداً وهي جاءت لتحذرنا من هذه الخصلة، إياك أيها المسلم أن تحب المال حباً شديداً فتنسى حق الله فيه وأن لا تعبد الله سبحانه وتعالى به وأن تعبد هذا المال وتنسى أن تجعله مطية لرضوان الله جل وعلا. ولذلك ذكر الله في سورة الفجر من صفات المشركين قال جل وعلا (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)) حباً شديداً حتى إنه يدعوكم إلى أن تظلموا اليتيم وتأخذوا حقه وتتركوا حق المسكين فلا تتصدقون عليه وتتركوا حق الوالد والوالدة والإبن والزوجة والفقير والمسكين وأن تبذل الأموال فيما يصلح أحوال الناس فلننتبه لذلك
د. الربيعة: ولهذا يحذرنا الله تعالى ما الذي يجعلنا نقف مع هذا الموقف موقفاً صحيحاً؟ قوله تعالى (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ) يعني ألا يعلم الإنسان أنه ذاهب إلى القبر ثم إذا بُعثر وهو في البعث فإذا تذكر الإنسان مصيره إلى قبره وموته لا يمكن أن يتعلق بهذا المال تعلقاً ينسيه آخرته. ويختم الله تعالى بقوله (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) ما معنى هذه الآية؟
د. الخضيري: يعني هذا الذي يقع في صدرك من نيات ومن أعمال قلبية سيحصّل ويُكشف ومنه تعلّقه بالدنيا وحبه للمال حباً شديداً يطغي الإنسان وينسيه ذكر الله سبحانه وتعالى
د. الربيعة: ويختم الله عز وجل بما يقرر للإنسان حقيقة أمره فيقول (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ) حقاً إن الإنسان إذا قرأ هذه السورة وعى حقيقته إذا قرأ هذه السورة وعى هدفه في الحياة وما ينبغي أن يكون عليه وما هي الصفات التي يحذرها وما هو واعظ الله الذي يعظه ويوقفه من التمادي مع هذه الدنيا بلا حدود وهي واعظ الموت، واعظ علم الله، واعظ خبر الله عز وجل فهو خبير دقيق بالأمور. وأنت تعلم معنى خبير أنها دقيق العلم فما أحرانا أن نتدبر هذه السورة وأن نمتثلها على واقع ما ذكرناه وما يمكن أن يفتح الله تعالى به علينا من معاني ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتدبرين لكتابه العاملين ولنا لقاء معكم بإذن الله تعالى في جلسة أخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:53 am | |
| الحلقة 15
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا هو المجلس الثالث عشر من مجالس هذا البرنامج المبارك أضواء المقاطع نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما فيه من العلم والهدى والإيمان. في هذا المجلس نأخذ مقطعاً من الجزء الثالث عشر من سورة إبراهيم من الآية 35، قال الله عز وجل (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36) رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (38) الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)) إلى آخر الآيات التي ذكرها الله عز وجل من قصة إبراهيم ودعواته في سورة إبراهيم. في هذه الايات يذكر الله سبحانه وتعالى قصة إبراهيم ليحتج بها على المشركين. المشركون الذين اشركوا في البلد الحراك ليقول لهم إن أباكم إبراهيم جاء بالتوحيد وبالحنيفية وبنبذ الأصنام ودعا الله سبحانه وتعالى أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام فكيف خالفتم طريقته وسلكتم غير مسلكه وجئتم بهذا الشرك العظيم الذي غيرتم به ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام. ولذلك قال (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ) أي واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً. والذي يظهر والله أعلم أن هذا الدعاء كان بعد أن بنى إبراهيم البيت وبعد أن كبر إسماعيل عليه الصلاة والسلام بخلاف الدعاء الذي كان في سورة البقرة (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)) ولذلك نكّر (بلداً) في سورة البقرة وعرّفها في هذه السورة لأن هذا البلد صار موجوداً ولذلك قال (رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا) فدعا الله سبحانه وتعالى أن يجعله آمناً ما يقصده جبار بسوء إلا قصمه الله. ولذلك أبرهة لما قدم إلى البيت يريد أن يفسده وأن يهدمه قصمه الله سبحانه وتعالى وأرسل عليه الطير الأبابيل فجعله الله عز وجل آمناً وأمر بأن يأمن وأن يؤمّن (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا (97) آل عمران) لذلك لا ينفر فيه الصيد ولا يصطاد لأنه إذا دخل الصيد فيه دخل في هذا الحكم وهو أن يكون آمناً. (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع قربه من ربه وكونه إمام الحنفاء واب الأنبياء إلا أنه لا يدع الدعاء. بل إني لا أعلم في القرآن نبياً ذكرت أدعيته كما ذكرت عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويكاد ذلك يكون مضطرداً في سائر المواطن التي ذكر فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما من موطن إلا وتجد له فيه دعاء أودعاءين أو عدداً من الدعوات. وهنا قال (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) إجعله آمناً ليقرّ من فيه وليكون الأمن سبباً لأن يعبدوك ويوحّدوك ولا يشركوا معك أحداً سواك. ولذلك قال بعدها (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) وهذا يدعونا لأن نتذكر أن من أعظم أسباب وقوع الخوف وأعظم اسباب حصول المكروه في الأمن هو أن لا يعبد الناس ربهم سبحانه وتعالى وألا يفردوه بالعبادة وهذا ما حصل للمسلمين في هذه العصور الأخيرة لما اختل أمر الشرك فيهم بمعنى أنه دخل عليهم الشرك واختل أمر التوحيد دخل عليهم الخوف ولن يعود إليهم الأمن حتى يعيدوا هذا التوحيد ويكونوا على الجادة التي كان عليها إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليها سائر الصحابة رضوان الله عليهم ومن سار على نهجهم. وهذا أمر في غاية الدقة والخطورة كما قال الله عز وجل (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) الأنعام) بظلم أي بشِرك، فمتى أخللنا بالتوحيد جاءنا الخوف ومتى حققنا التوحيد جاءنا الأمن بإذن الله عز وجل. الأمن في الدنيا والأمن في الآخرة. ثم قال إبراهيم (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) ماذا نستفيد من هذا؟ نستفيد أن إبراهيم على جلالة قدره وعلو منزلته وقربه من ربه سبحانه وتعالى يخاف على نفسه من عبادة الأصنام فيقول (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) وهل المراد ببنيه جميع ذريته أو المراد من بنيه الذين من صُلبه؟ الذي يظهر أن المراد هنا هم من كان من صلبه فقد وقاهم الله سبحانه وتعالى أن يعبدوا الأصنام بل كان الذين من صلبه أنبياء أخيار من خيرة عباد الله وهم إسماعيل وإسحق. قال (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ) أي هذه الأصنام أضلت كثيراً من الناس واليوم هذه الأصنام لا تزال تضل كثيراً من الناس وما يزال كثير من الناس يخضع لها ففي الهند وحدها يعبد من الآلهة ملايين كل ما يُخاف وكل ما يُرجى وكل ما يُحب وكل ما يُطمع يُعبد حتى فرج المرأة وذكر الرجل يُعبد من دون الله عز وجل وهكذا في سائر أمم الأرض إلا من وقاهم الله وجنبهم عبادة الأصنام فإنهم قد ضلوا بعبادة هذه الأصنام. قال (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) أي من عصاني فأشرك وعبد الأصنام فإنك غفور رحيم وليس في هذا بيان لطلب إبراهيم بأن يشفع لهم ولكن بيان لتمام مشيئة الله وأنه يتصرف في عباده كيف يشاء. قال الله عز وجل (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) يقول لربه سبحانه وتعالى مناجياً ومخاطباً وداعياً إني أسكنت من ذريتي أي من أولادي لأنه لم يذكر كل ذريته وإنما أسكن هاجر التي أهدتها له سارة وولدها إسماعيل قال (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) يعني الوادي الذي فيه البيت الحرام وادي مكة. (عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) هذا البيت الذي جعله الله سبحانه وتعالى محرّماً فلا يحل فيه الصيد ولا القتل ولا القتال هذا البيت المعظم المشرّف. قال (رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ) أي جعله الله محرّماً من أجل أن يقيموا فيه الصلاة أي من أجل أن يكون محلاً للعبادة. ولما كانت العبادة شيئاً كثيراً ذكر الله عز وجل أعلاها وأجلّها وهي إقامة الصلاة فقال (رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) انظروا كيف جاء الدعاء قال (أفئدة من الناس) ولم يقل أفئدة الناس لأنه لو قال أفئدة الناس لغالبنا على البيت كما قال ابن عباس فرس والروم وجميع أمم الأرض ولكن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال أفئدة من الناس وهي افئدة المؤمنين فهؤلاء تهوي قلوبهم وتأوي وتشتاق أشد الشوق لبيت الله الحرام وهذا شيء شاهدناه ورأيناه في عباد الله، رأينا كيف أن المسلم منذ أن يفتح عينيه على الدنيا وهو يشتاق إلى بيت الله وذلك إجابة لدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام فما زالت دعواه مباركة وما زالت إلى اليوم. والعجيب أن هذه الآيات جاءت بعد قول الله عز وجل (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)) ما هي الكلمة الطيبة؟ قيل لا إله إلا الله وقيل كل كلمة طيبة أصلها ثلبت وفرعها في السماء وكذلك كلمة إبراهيم عليه الصلاة والسلام أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فالناس في كل زمان وفي كل مكان ومن ذاك العصر إلى اليوم وهم يتفيئون ظلال وبركة دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام. قال الله عز وجل (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) أي إجعل هذا البيت آمناً ليقيموا الصلاة واجعله محرّماً ليقيموا الصلاة وارزقهم من الثمرات لعلهم أن يعبدوك ويتفرغوا لعبادتك ومكة من بين بلاد الله من سائر الأزمان ترزق من الثمرات بما لا يرزق بها غيرها. فتجد فيها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء وتجلب لها الخيرات من كل أصقاع الأرض وتأتي مع الحجيج من كل مكان وهي أرض جرداء لا زرع فيها ولا ماء ولكن الله سبحانه وتعالى بفضله ومنّه وكرمه وإجابته لدعوة خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد جلب لها الأرزاق وهيأ لها الأمور. ثم قال الله عز وجل (رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ) يعني إني لم أقصد بهذا الدعاء إلا وجهك ولا أريد إلا الخير لبيتك وحرمك ولقطان هذا الحرم ولمن وحدوك قال (وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء) انظروا كيف يخلط إبراهيم في دعائه الثناء على ربه والاعتراف له والانطراح بين يديه والخضوع التام له جل جلاله. قال (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء) كأنه يقول إسمع دعائي وأجبني يا رب كما سمعت دعائي الأول وأجبتني إليه عندما دعوتك أن ترزقني بالذرية فرزقتني بإسماعيل وإسحق على كبر من سني، رزق إسماعيل وعمره 99 ورزق إسحق وعمره 112 عاماً. قال الله عز وجل (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) ختم بإقامة الصلاة لأن إقامة الصلاة هو عنوان العبودية قال النبي صلى الله عليه وسلم "الصلاة خير موضوع فمستقلٌّ ومستكثر" اي خير شيء وضعه الله. (وَمِن ذُرِّيَّتِي) قال بعض العلماء هذه للتبعيض أي من ذريتي من يقيم الصلاة لأنه قد علم أن بعضهم يكفرون ومنهم من قال أن (من) هنا بيانية أي واجعل ذريتي كذلك. (رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) هذا فيه مشروعية أن يقول الإنسان اللهم تقبل دعائي في ختام دعائه. ثم يختم بالاستغفار (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) ودعا لوالديه قبل أن يُنهى عن الدعاء لأبيه فإنه لما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه. قال (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) أيضاً فيه مشروعية الدعاء للمؤمنين ومشروعية إذا دعا الإنسان أن يدعو لنفسه أولاً ثم لوالديه ثم للمؤمنين يوم يقوم الحساب. أسأل الله أن ينفعني وإياكم بكلامه وكتابه وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| |
| |
بحر الشروق لا تنسوني من صالح دعاكم
الاوسمة :
عدد المساهمات : 521 السٌّمعَة : 1 تاريخ الميلاد : 14/07/1988 تاريخ التسجيل : 15/03/2010 العمر : 36 المزاج : بحر الشروق
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الأحد مايو 02, 2010 7:56 am | |
| الحلقة 14
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فهذا هو المجلس الثاني عشر من برنامج أضواء المقاطع ومقطعنا هذا اليوم هو في الجزء الثاني عشر من كتاب الله العظيم في سورة هود الآية 112، قال الله عز وجل (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير (112) وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116)). هذه الآيات العظيمة هي من أشد الآيات في القرآن العظيم حتى قال بعض العلماء إنها هي المقصودة بقول النبي صلى الله عليه وسلم "شيبتني هود وأخواتها" قالوا إن محل الخوف من سورة هود هي هذه الاية التي أمر الله فيها رسول صلى الله عليه وسلم أن يستقيم كما أُمر أن يطيع ربه ويؤدي الواجبات على ضوء ما أُمر من غير زيادة ولا نقص وهذا شديد على النفوس ليس أمراً هيناً ولا أمراً ميسوراً وهو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "سددوا وقاربوا". سددوا أي إئتوا بالأمر على وجه السداد من غير نقص ولا تجاوز، وقاربوا إذا لم تستطيعوا السداد يعني إذا لم تقدروا على السداد لنقص علم أو لنقص قدرة أو لأمر عارض أو لعذر يعذركم الله به فقاربوا وهذا لا شك أمر شديد على النفوس ونحن مطالبون به وعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى في القيام به. ولهذا قال العلماء أن هذه من أشد الآيات في القرآن العظيم. قال (فَاسْتَقِمْ) أي يا محمد (كَمَا أُمِرْتَ) يعني كما أوحي إليك تأتي بالواجبات كما طلب منك وتترك المنهيات كما طلب منك دون أن تقصر ودون أن تغلو أو تزيد. قال (وَمَن تَابَ مَعَكَ) أي وكذلك الذين تابوا معك وأنابوا إلى الله عز وجل ورجعوا إلى الحق ودخلوا في الدين يجب عليهم أن يستقيموا كما تستقيم أنت. قال (وَلاَ تَطْغَوْاْ) وهذا يدلنا على أن أمر الاستقامة ليس مقصوراً على رسول الله ولا على العلماء بل هو أمر قد أمرنا به جميعاً. إن الاستقامة تعني أن يطيع العبد ربه سبحانه وتعالى فلا يعصيه وأن يقوم بأوامره في كل الأحوال وأن إذا وقع في شيء من الذنوب والمعاصي إذا به يسارع إلى التوبة ويستعجل إليها ولا يرتكس في معصيته. إن الاستقامة تعني أن يثبت الإنسان على الدين فلا ينحرف عنه وإن الاستقامة تعني أن يأخذ الإنسان هذا الدين بجد وألا يتوانى في أخذه بهذه الروح الجادة وأن يعزم العزم كله على تنفيذ كل ما يبلغه من أوامر الله عز وجل وترك كل ما يبلغه من نواهي الله جل وعلا. إن الاستقامة تعني ألا يتأول الإنسان شيئاً من دين الله تأولاً رخيصاً ليوافق هواه أو يوافق مجتمعه أو البيئة التي يعيش فيها أو ليحاول أن يخضع دين الله عز وجل لأهواء الناس ولما يشتهونه وهذا لا شك أن هذا مما تزل به الأقدام ومما تزيغ به الأفهام فكثير من الناس تحت ضغط الواقع وتحت تكاثر المجرمين والملبسين وأهل الباطل يتراجع عن الصدع بالحق وعن الأخذ به وعن القيام بأمر الله عز وجل ويبدأ يعلن تنازلاته. ولو كانت هذه التنازلات التي يعلنها يعلن معها أنه مخالف لأمر الله لكان الأمر محتملاً لكن الأسوأ من ذلك أن يقول للناس إن هذا الذي أفعله من التقصير هو ما دل عليه الله وما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيّضِل الإنسان ويُضل اللهم إنا نعوذ بك من أن نَضل أو نُضل أو نَزِل أو نُزِل أو نجهل أو يُجهل علينا. هذا الأمر خطير وفي الأزمان التي تعلو فيها راية الباطل ويكثر فيها المرجفون وأهل الشبهات يقل المستقيمون على أمر الله وهذا ما ستؤكده لنا الآيات بعد قليل عندما قال الله عز وجل (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ) قال الله عز وجل لما ذكر الاستقامة نهى عن ضدها قال (وَلاَ تَطْغَوْاْ) ولاحظوا كيف فرق بين الأسلوبين ففي أسلوب الأمر وهو أمر بالاستقامة جاء به خطاباً للنبي وفي أسلوب النهي جاء به خطاباً للجماعة ولعلّ هذا والله أعلم تأدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلالاً لقدره ورفعاً لمكانته فهو يقول فاستقم كما أمرت يا محمد ولا تطغوا كأنه لا يتصور من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطغى. قال (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) هذا تهديد وهذا فيه إحياء لجانب المراقبة يعني استقيموا فالله مطلع عليكم وأدوا ما أُمرتم كما أمرتم فإن الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه من عملكم شيئاً وإياكم أن تطغوا فإن الله مطلع عليكم وقادر على أن يعاقبكم سواء عجل العقوبة أو ادخرها. وهنا نشير إلى ملاحظة مهمة في كتاب الله وهي اللازم من الخبر فإنه عندما يقول إنه بما تعملون بصير لا يريد أن يبين أن الله سبحانه وتعالى يبصر الأشياء فقط وإنما يريد لازم ذلك وهو أن الله يبصر الأشياء وسيحقق من وراء ذلك شيئاً وهو أنه مطلع عليكم وسيجازيكم بما تعملون إن خيراً فخير وإن شراً فشرّ. ثم نهاهم الله عز وجل عن أمر آخر وهو أمر عظيم فقال (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) يعني لا تداهنوا الظالمين ولا تميلوا إليهم ولا ترضوا بأعمالهم ولا تستعينوا أيضاً بهم فإن هذا كله يدخل في الركون إلى القوم الظالمين أياً كان هؤلاء الظالمين سواء كانوا من المشركين أو من اليهود والنصارى أو من الطغاة المنتسبين إلى الإسلام فإن الركون إليهم وإعانتهم على ظلمهم والتصفيق لهم والتطبيل لظلمهم وتأييدهم على ما يفعلون كل ذلك من الركون الذي يدخل الإنسان به في عداد المخالفين لهذه الآية. قال (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) يعني إن ركنتم إليهم مستكم النار. وأيّ شيء هذه النار حتى يستهين الإنسان بها؟! إنها نار عظيمة عذابها شديد وقعرها بعيد ولا يطيقها أحد فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقينا حرها وشرها وأن يحرم بشرتنا ولحومنا عليها. قال (وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) يعني إن ركنتم وطغيتم ولم تستقيموا كما أمرتم فما لكم من دون الله من أولياء ليس لكم أولياء دون الله عز وجل يمنعون عنكم عذابه أو ينتصرون لكم. (ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) ما كان أحد ينتصر لكم ويمنع عذاب الله عنكم فاحذروا من ذلك أشد الحذر ولذلك على المسلم أن يخشى الله ويتقيه وهذا الخطاب للمؤمن التقي الذي إذا ذكر بالعذاب ارتجف قلبه وتغيرت نفسه وخاف من الله عز وجل أشد الخوف. قال الله عز وجل (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ) نؤكد على أن الأوامر تأتي بصيغة المفرد مخاطباً بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنواهي بصيغة الجماعة. قال (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ) كأن إقامة الصلاة هي عنوان الاستقامة فمن اقام الصلاة أعانه الله على سائر أبواب الطاعة ووفقه لذلك ودله عليه وأعانه على الثبات على دين الله وعلى أوامر الله سبحانه وتعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد قلنا مراراً إن الصلاة لم يؤمر بها في القرآن عادة إلا على وجه الإقامة كأنها هي الصلاة المقبولة وما سواها فليست مرادة من الله ولا مقبولة ممن يؤديها نسأل الله العافية والسلامة. قال (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ) اختلف المفسرون في طرفي النهار فقيل صلاة الفجر وصلاة المغرب وقيل طرفا النهار صلاة الفجر وصلاة العصر وقيل وهو أقرب طرفا النهار صلاة الفجر وصلاتي الظهر والعصر فهذا في أول النهار وهذا في نصفه الثاني. (وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْل) قال العلماء يراد به صلاة المغرب والعشاء وقال آخرون يراد به صلاة العشاء وذكر ابن كثير رحمه الله تعالى أن هذه الاية تحتمل أن تكون نزلت في أول الإسلام قبل أن يأتي فرض الصلوات الخمس فتكون أقم الصلاة طرفي النهار أي صلاتي الفجر والعصر وزلفاً من اليل أي قيام الليل ولم يكن واجباً على المؤمنين في أول الإسلام إلا صلاة بالنهار وصلاة بالليل وكان الله قد أوجب عليهم أيضاً قيام الليل ثم نسخه عن عامة المؤمنين وابقاه واجباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في سورة المزمل. قال (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ) الحسنات أياً كانت صلاة أو صوماً أو وكاة أو حجاً أو عمرة أو ذكراً أو تلاوة للقرآن يذهبن السيئات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" فإن الإنسان إذا فعل سيئة ثم أتبعها بحسنة محت تلك الحسنة السيئة. قال الله عز وجل (ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) ذلك الذي أمرناكم به ودللناكم عليه ذكرى للذاكرين وليس المقصود بهذا أنها ليست ذكرى لغيرهم ولكن الذاكرين ينتفعون بها ولذلك خصهم الله عز وجل بذلك. ثم ختم الله هذه الآيات بقوله (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) بدأ الأمر بالاستقامة وختم بالصبر وماذا بين الاستقامة والصبر؟ متلازمان،لا يمكن للإنسان أن يستقيم إلا بالصبر ولا يمكن للإنسان أن يكون صابراً وهو غير مستقيم وأعظم الصبر هو الصبر على طاعة الله عز وجل ولاحظوا كيف جعل الله عز وجل المُظهر مقام المضمر فقال (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) ولم يقل واصبر فإن الله لن يضيع أجركم أو أجره وإنما قال (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) للدلالة على أن من استقام كما أثمر ولم يطغَ ولم يركن إلى الذين ظلموا واقام الصلاة وصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله المؤلمة فإنه يكون من المحسنين. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم ممن استقاموا كما أمروا ولم يطغوا ولم يركنوا للذن ظلموا واقاموا الصلاة وأدّوها كما أمر الله أن تؤدى وصبروا في كل الأحوال صبروا على طاعة الله وصبروا عن معصية وصبروا على أقدار الله المؤلمة وجعلهم الله بذلك من المحسنين وأورثهم حسن العاقبة في الدنيا وفي الآخرة. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. | |
|
| |
طيبتي اكبر همومي حكيم المنتدى
عدد المساهمات : 173 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 04/05/2011 المزاج : ممتاز
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الجمعة مايو 13, 2011 2:56 am | |
| •.°.• رووووووووووعه •.°.• •.°.• كل الشكر لانتقائك •.°.• •.°.• لاعدمنا جديدك •.°.• •.°.• ودي واحترامي•.°.• | |
|
| |
كبرياء انثى عضو متميز
الاوسمة : https://i.servimg.com/u/f31/11/57/73/80/aw110.gifhttps://i.servimg.com/u/f31/11/57/73/80/dcsdff10.gifhttps://i.servimg.com/u/f31/11/57/73/80/110.jpghttp://www.sheiabeen.com/vb/images/wsam/member.gifhttp://www.sheiabeen.com/vb/images/wsam/mod.gifhttp://www.sheiabeen.com/vb/images/wesam/tamauz.gifhttps://2img.net/r/ihimizer/img151/5314/tmqn3.gifhttp://www.hdrmut.net/ufiles/1187177599.gifhttp://www.hdrmut.net/ufiles/1187177599.gifhttps://2img.net/r/ihimizer/img224/3053/vbfs2.gifhttp://www.g999g.com/abufahd/images/top1.gifhttp://www.k18k.com/vb/images/medals/ebda4e_4.gifhttp://www.k18k.com/vb/images/medals/ebda4e_20.gifhttp://www.m5zn.com/uploads/2010/5/6/photo/gif/050610050528mhxyz37j29ff4ejsf.gif عدد المساهمات : 124 السٌّمعَة : 2 تاريخ الميلاد : 28/04/1995 تاريخ التسجيل : 04/05/2011 العمر : 29
| موضوع: رد: برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر الجمعة مايو 20, 2011 1:18 pm | |
| تسلم الايادي إن شاء اللهـ لا عدمنا هالتميز~ كل التحايا والاحترام دمتم بود ومحبهـ
| |
|
| |
| برنامج "لنحيا بالقرآن" - الحلقة 22 - سورة الكوثر | |
|